• 3/09/1444 - 15:36
  • 204
  • وقت القراءة : 5 minute(s)

عید النوروز فرصة لجمع شمل الشعوب الإسلامیة والمستضعفة

یعد عید النوروز الأمل الكبیر بمستقبل مشرق للبشریة وتجاوز الصعاب والإحباطات المتوالیة، ولا شك أن شتاء البشریة یتجه نحو الزوال بقدوم ربیع الإنسانیة، لأن التجلي الحقیقي للنوروز یكمن في سیادة التوحید والعدالة والمحبة في العالم كله، بحیث لا یبقى أثر للظلم والتمییز والعدوان.

 یعد عید النوروز الأمل الكبیر بمستقبل مشرق للبشریة وتجاوز الصعاب والإحباطات المتوالیة، ولا شك أن شتاء البشریة یتجه نحو الزوال بقدوم ربیع الإنسانیة، لأن التجلي الحقیقي للنوروز یكمن في سیادة التوحید والعدالة والمحبة في العالم كله، بحیث لا یبقى أثر للظلم والتمییز والعدوان.

ولا ریب أن الاحتفال السنوي بعید النوروز یحمل رسالة خاصة للشعوب الباحثة عن السلام والعدالة الاجتماعیة والاقتصادیة، والمساواة في الإنسانیة، ومن الممكن أن یصبح عید النوروز عالمیاً في ظل التعاون والتعاضد والتماسك الاجتماعي.

ولا ننسى أن عید النوروز قد تعدى الحدود الجغرافية والعرقیة واللغویة وأصبح جزءاً لا یتجزأ من الثقافة الإنسانیة لشعوب المنطقة، بل لكثیر من الشعوب الأخرى، وأن قیم عید النوروز، وبضمنها تجدد الطبیعة وزوال الیأس والقنوط، وانبعاث الأمل وتبلور الصداقات والمحبة وصلة الأرحام وتوثیق العلاقات الإنسانیة التي تعد من العناصر المشتركة في المفاهیم الإنسانیة والإلهیة، وهي فرصة لأخذ الدروس والعبر من الماضي والنظر إلى المستقبل بنظرة واعدة.

ومن الممكن اعتبار عید النوروز كجزء من ثقافتنا المشتركة جمیعاً، حیث تنقل الناس إلى ما وراء الحدود الجغرافية والعرقیة واللغویة، وعلیه یحتفل بالنوروز في الكثیر من دول آسیا وأفریقیا وأمریكا وحتى أوروبا.

ولسنا نتجاوز الحقیقة إذا قلنا أن النوروز یوفر أرضیة مشتركة للعلاقات الإنسانیة العمیقة والواسعة بین الأفراد والشعوب، لأنه یمثل فرصة عظیمة في التعاطي البناء، وتوفير مصالح ومنافع الشعوب المشتركة في ثقافة الربیع بین سائر شعوب العالم، واستغلال هذه المناسبة لإیجاد الأجواء الأخویة والإصرار على الصداقات وتعمیق العلاقات الراسخة وتأصیلها.

والاحتفال العالمي بعید النوروز یتحقق من خلال تأكید الأواصر الدینیة والتأریخیة والثقافية في البلدان المتمسكة بهذا العید العریق، ومن غیر البعید أن یسهم هذا الاحتفال في تعزیز العلاقات السیاسیة والاقتصادیة بین البلدان ذات الاحتفاء المشترك بهذا العید التاریخي، كونه یتضمن الخیر والبركة والمحبة والصفح وترسیخ المودة بین الشعوب المسلمة. إن إقامة عید النوروز في إیران سنویاً یدل على سیطرة الأمن والاستقرار في هذا البلد الذي یعتبر مركزاً للسلام، الصفاء والهدوء.

وحین تدرك الشعوب المسلمة أنها تتمتع بالقیم المشتركة الكثیرة وفي المناسبات المختلفة بإمكانها أن تكون إلى جانب بعضها البعض، وسوف یزداد الاتحاد، التضامن، الصداقة والمحبة فيما بینها، وهي التي تمتلك حضارة كبرى لا تدانیها حضارة أخرى.

وقیم النوروز التي تتمتع بالخصائص المعنویة والإنسانیة یمكن أن یقف المحتفون بهذا العید من خلال الاعتماد علیها، في وجه الهیمنة الثقافية للأعداء، خاصة وأن الرموز الدینیة والإسلامیة في مراسم النوروز تدل أن الاسلام غیر منفصل عن النوروز، وأن  هذا العید العریق أخذ مكانه في قلب الأمة.

فاحترام الأب والأم والحفاظ على حرمة العلاقات المقدسة والمحبة والحنان هي من بین الخصائص الثقافية للنوروز بحیث یمكنها أن تؤمن إمكانیة كبرى لتقریب الشعوب المختلفة بشكل أكثر كما نشاهد بأن المواطنین المسیحیین والأقلیات الدینیة في إیران یحتفلون بعید النوروز لأن النوروز رمز عام للدعاء والشكر والحمد. كما أن النوروز وهو حلول الربیع، یعنی إحیاء الأرض، وظهور الأسرار الجمیلة في الكون، تراقص الزهور والبراعم والخضار، وهو موسم بذل المحبة والعدالة والتذكیر بتقالید القدماء.

وینبغی التأكید بأن ما جعل إیران عزیزة وكبیرة في أعین الشعوب، هو القیم الداخلیة لدى الشعب الإیراني حیث یعتبر النوروز، واحداً من هذه القیم المعنویة التي عرفت باستمرار كقیمة دینیة ووطنیة وتاریخیة.

وهكذا ینبري الإیرانیون في كل عام عند اقتراب عید النیروز الذي یصادف ( 21آذار) والذي یدعى أیضاً عید "البر والإحسان" بجمع التبرعات المالیة والهدایا الثمینة للأسر ذات الدخل المحدود، ویقومون بإعداد قوائم الأیتام لمن یرغب بتكفل یتیم أو إعانة مسكین، فلا یحل علیهم عید الربیع بحلته الزاهیة، وما یعكس من معاني الجد والصفاء والسلام والمحبة إلا وقد تم رعایة الفقراء والمعوزین قبل القیام بمراسم وطقوس هذا العید الجمیل الذي تشترك فيه العدید من الأمم والشعوب العربیة كالمصریین والسوریین والعراقیین وغیرها من البلدان المسلمة كالأتراك، والإیرانیین، وشعوب آسیا الوسطى، وحتى غیر المسلمة كالیونانیین وغیرهم بأسماء مختلفة وممارسات مشابهة تدلّ على وحدة المصدر.

ویعیش الإیرانیون عید النوروز بكل طاقاتهم الروحیة والمادیة، فهو بالنسبة لهم فرصة للراحة والاستجمام، یجددون فيها العهد مع الأرض، ویغتنمونها لممارسة الفرح والسعادة.

ویعتز الإیرانیون على اختلاف أعراقهم وأدیانهم بإحیاء عید النوروز (رأس السنة الإیرانیة) الذي یعتبر أهم وأقدم الأعیاد الوطنیة والدینیة لدیهم باعتباره جزءاً من الهویة القومیة الفارسیة.

ویحتفل الإیرانیون بالمناسبة القومیة التي تجمعهم حول مائدة واحدة على اختلاف أعراقهم وأدیانهم من مسلمین ومسیحیین ویهود وأتباع باقي الدیانات الأخرى كالزرادشتیة الذین یعتبرون أنفسهم ورثة الإیرانیین القدامى.

وعلى الرغم من مرور آلاف السنین على هذه التقالید التي یعود تاریخها إلى العهود السابقة، ظل الإیرانیون یتوارثونها جیلاً بعد آخر حیث یتبادلون التهاني بهذه المناسبة باعتبارها أكبر الأعیاد لدیهم على الرغم من اعتناق أغلبهم الدین الإسلامي الحنیف.

ویتزامن أول أیام رأس السنة الإیرانیة مع بدایة أول أیام الربیع الذي یعلن انتهاء فصل الشتاء وتفتح أوراق الأشجار والزهور واعتدال المناخ في أغلب مناطق البلاد لا سیما الشمالیة منها التي تستعد سنوياً لاستقبال سیاحها.

أما في دولة مصر، یعد (الیوم الجدید) أول یوم في السنة الزراعیة الجدیدة لأنه موعد اكتمال موسم فيضان النیل الذی یعتبر سبب الحیاة في مصر، ولدى الشعب السوري یمثل یوم تجدد الحیاة والبدء بقدوم الربیع وبروز البراعم على الأشجار وتفتح الأزهار، ویطلق على هذا العید في العراق یوم الشجرة، رمزاً لحیویة وانطلاق الربیع وتجدد الطبیعة بعد فصل الشتاء، ویحتفل المسیحیون بهذا العید باسم عید الخصب والربیع للأرض والبشر...

وشهدت مراسم عید النوروز في لبنان في السنوات الأخیرة رواجاً واسعاً حیث یهتم الأكراد المقیمون في لبنان بهذه الاحتفالات اهتماماً أكثر مما مضى ویعتبرون هذا العید، عیداً وطنیاً عظیماً".

ویجب أن نذكر أن كثیراً من الإیرانیین هاجروا منذ القرون الماضیة إلى لبنان، ویحتفلون بعید النوروز الایراني.

وترتبط مراسم هذا العید لدى العدید من الشعوب والملل، بفكرة تنظیف البیوت، وإعادة ترتیب أثاثها، والاستغناء عن الأشیاء البالیة، وإعداد أنواع الحلوى، والتزاور، وصلة الأرحام لإزالة كل ما علق بالقلوب من جفاء، وإعادة الدفء لكل ما شاب العلاقات العائلیة من فتور على مدى عام مضى، فيستقبل الربیع بمنازل وأزقة وشوارع نظیفة، ویستضاف العام الجدید بقلوب خالیة من كل حقد وكراهیة وبغض لتمتلىء القلوب بالمحبة والعواطف الحمیمة كما تمتلىء الطبیعة بالأزهار والثمار والأوراق الیانعة.

كما تعتبر بعض البلدان، یوم 21 آذار یوماً للأم (كما في بلدان الخلیج الفارسي وبعض الدول الغربیة)، ثم استبدل "بیوم الأسرة" بعد أن تم أخذ الاعتبار بفقدان بعض الأطفال أمهاتهم وما یسببه تخصیص یوم للاحتفال بعیدها من ألم وحسرة في نفوسهم، فانتهزت هذه الفرصة من قبل بعض الأبناء أو الأسر التي تشكو من عقوق الوالدین أو تفكك الأسرة لإعادة اللحمة لأعضاء الأسرة بقلب صفحة الماضي المؤلمة، وكتابة صفحة جدیدة بمزید من التفاهم والحكمة والخبرة والمودّة والرحمة.

لبنان بیروت

لبنان بیروت

أکتب تعلیقک.

:

:

:

: