ندوة "الحرب التركيبية" في بيروت
نظّمت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، مركز الثورة الإسلامية للدراسات (مكتب حفظ ونشر آثار الإمام الخامنئي)، ومركز الاتحاد للأبحاث والتطوير (يوفيد)، ندوة علمية بعنوان "الحرب التركيبية في فكر الإمام الخامنئي - المفهوم والتطبيقات والمآلات"، بحضور شبابي لافت لطلاب جامعيين من عدد من الجامعات اللبنانية، فضلاً عن نخبة من الباحثين والمهتمين.
نظّمت المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، مركز الثورة الإسلامية للدراسات (مكتب حفظ ونشر آثار الإمام الخامنئي)، ومركز الاتحاد للأبحاث والتطوير (يوفيد)، ندوة علمية بعنوان "الحرب التركيبية في فكر الإمام الخامنئي - المفهوم والتطبيقات والمآلات"، بحضور شبابي لافت لطلاب جامعيين من عدد من الجامعات اللبنانية، فضلاً عن نخبة من الباحثين والمهتمين.
شارك في الندوة التي أدارها الدكتور علي قصير كل من المستشار الثقافي للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان السيد كميل باقر، الدكتور بلال اللقيس ورئيس مركز الاتحاد للدراسات والأبحاث والتطوير الأستاذ هادي قبيسي.
السيد كميل باقر شرح مفهوم الحرب التركيبية في ضوء كلمات الإمام السيد علي الخامنئي، مشيرًا إلى أن الصراع الراهن مع القوى الاستكبارية يبدأ من الصراع على المصطلحات، ومركزًا في محاضرته على مراحل الثورة الخمس.
السيد باقر طرح سؤالًا أساسيًّا، وقال "لماذا شنّت أميركا بالتعاون مع حلفائها هذه الحرب التركيبية؟".
وتابع "عندما نلاحظ كلمات الإمام الخامنئي في السنوات الأخيرة نستطيع القول، إنه لدينا عدّة أجوبة أساسية؛ أولًا إيران أصبحت قويّة لذلك اضطرّوا أن يستخدموا حربًا من نوع آخر، ثانيًا أميركا أصبحت ضعيفة، وثالثًا فشل كل أنواع المحاولات السابقة في مواجهة إيران، بدءًا من الحرب العسكرية أي الحرب المفروضة، فمعلوم أنهم هم الذين دفعوا النظام البعثي لمواجهة إيران وفشلوا، إلى كل الحروب الثقافية والناعمة والاقتصادية وغيرها من الحروب التي جربوها خلال السنوات الماضية وفشلوا أيضًا، لذلك وصلوا إلى نتيجة مفادها: إذا أردنا أن نسقط هذا النظام، ليس هناك من حلّ إلاّ باللجوء إلى تركيب كل أنواع الحروب.
وتحدث السيد باقر عن دور القائد موضحًا أنّ الإمام الخامنئي هو قائد الثورة الإسلامية، وهذا العنوان الصحيح، وليس المرشد الأعلى أو بعض المصطلحات الخاطئة الأخرى التي يتم استخدامها بشكل مقصود أو غير مقصود.
وتابع "الثورة الإسلامية ليست فقط تلك الحادثة التي حصلت سنة 1979 وانتصرت وانتهت وكان قائدها الإمام الخميني، بل هذه الثورة مستمرّة، وهي الثورة التي يقودها اليوم فعلًا الإمام الخامنئي".
وفيما نبّه السيد باقر إلى أن جزءًا من الصراع مبني على المصطلحات، قال "نحن لدينا مصطلح السيادة الشعبية الدينية وليس الديمقراطية".
وعن مراحل الثورة، أوضح أنّ مراحلها خمس، وقال "فهمنا لهذه المراحل مهم جدًا في فهمنا للصراع، فقد بدأت الثورة في المرحلة الأولى بالنهضة الإسلامية التي أسقطت نظام الشاه ومهّدت لإيجاد نظام بديل، أما المرحلة الثانية فتتمثل بتأسيس النظام الإسلامي، والرمز الأساسي لهذا النظام هو الدستور القائم على أساس الإسلام ودور الشعب في إدارة الحكم".
ولفت سماحته إلى أنه "يمكن القول إن كل ما حصل في العقود الماضية بعد انتصار الثورة الإسلامية كان في إطار المرحلة الثانية أي تأسيس النظام والحفاظ عليه".
وبخصوص المرحلة الثالثة، قال السيد باقر "هي مرحلة تأسيس الدولة الإسلامية وهي المرحلة الأصعب بين المراحل الخمس وبحاجة لجهد وتنسيق بين كل السلطات وانسجام تام بين كل الأركان مع قائد الثورة، وكل هذه العملية يجب أن تكون بتأييد من الشعب".
وأضاف "هناك ديمقراطية حقيقية في إيران، الشعب يختار أشخاصًا هم منسجمون فكريًا مع طرح القائد في قيادة الثورة، وهم مؤهلون لإدارة الثورة في هذه المرحلة، وهذا ما حصل عمليًا في إيران منذ سنوات. فمجلس النواب في إيران اليوم ثوري والسلطة القضائية ثورية، ولدينا رئيس ثوري".
ولفت السيد باقر إلى أنه "في المرحلتين الرابعة والخامسة يتم تصدير الثورة، فعندما تتوسع المجتمعات الإسلامية تتولّد لدينا الحضارة الإسلامية"، وأضاف: "نحن نريد أن نقدّم النموذج الإيراني للعالم، ومن يرغب بمقدوره الاستفادة من هذا النموذج القائم على الفكرة التالية: إن الناس يعبدون الله ولا يعبدون الطاغوت ويعيشون برفاهية وحياة كريمة وبأمان".
وحول السبب الأساس الذي دفع الأميركيين إلى شن الحرب التركيبية في السنة الماضية، قال "السبب خوفهم من تأسيس الدولة الإسلامية الحقيقية، ومن إيران القوية، ومن صناعة هذا النموذج الإيراني المتقدم الذي يمكن أن يتعمم وأن يسقط الحضارة الغربية الأميركية الفاسدة".
من جهته الأستاذ هادي قبيسي تناول موضوع "قيادة واستراتيجية مواجهة الحرب التركيبية"، واعتبر أنّ مفهوم الحرب التركيبية هو مصطلح جديد قام بطرحه الإمام الخامنئي جرّاء الأحداث والاحتجاجات التي حصلت في إيران في شهر أيلول/سبتمبر من العام الماضي ويشمل مفهوم الحروب بالوكالة وحروب التمرد، والحرب الناعمة... الخ.
ولفت قبيسي إلى أنّ أوروبا ضغطت على أميركا للحصول على الغاز الإيراني بأي ثمن بعد أن تعرّض أمنها النفطي للخطر جراء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ووقوفها مع الأخيرة بوجه موسكو، فارتأت أميركا أن تحصل على النفط من إيران بتشديد الحصار الاقتصادي وإشعال الثورات وضرب المبادئ والقيم القرآنية والمفاهيم الإسلامية في الجمهورية، علها بذلك ترضخ للشروط الغربية والأميركية.
وبدأ السعي لتطبيق برنامج ضغط على إيران تضمن عدّة خطط، منها الهجوم على المستوى الثقافي المتمثل بالمرأة والشرائح التي ستقف معها، كذلك البعد القومي والعرقي أي الأتراك والبلوش، والبعد المذهبي أي السنة والشيعة، وأيضًا المعترضون على الاقتصاد إضافة إلى المستوى الأمني وغيره...
وبحسب قبيسي فإنّ "الحرب لم تكن على مستوى واحد بل تطورت من المستوى الثقافي إلى القومي إلى المذهبي.. مع ما رافق هذا من دعم عالمي عبر وسائل عدّة من المال والتكنولوجيا والتجهيزات اللوجستية وغيرها"..
وتطرق قبيسي إلى المواجهة التي قامت بها إيران منوهًا بالدور الهام والكبير الذي لعبه الإمام الخامنئي والذي ركز على تحديد نقطة الصراع، ثانيًا التعلق بالمدد الغيبي والتوكل على الله، ثالثًا حفظ الذاكرة والوعي والإدراك وعدم السماح بتغيير الوقائع، ورابعًا إحباط العدو عبر إفهامه أنّ خطته مكشوفة منذ البداية، خامسًا حشد القوى إلى جانب أجهزة الدولة، سادسًا تثبيت الأقدام بالصبر والرسوخ وحفظ الأفق الإيجابي، سابعًا بناء شبكة التواصي بالحق والصبر وثامنًا تحديد نقطة الضعف أي نقطة الاختراق الأساسية.
وفي المرحلة الثانية، بحسب قبيسي، ركز الإمام الخامنئي على أن ما يحصل ليس احتجاجًا محليًّا لذا كان لا بد من إعلان الحرب لمواجهة المخططات الخارجية، فتم القضاء على تلك المؤامرات وإحباط مخططاتها، كما أشار حينها الإمام في خطاباته إلى أنّ إيران "ستخطط لمثل تلك الحروب التركيبية على دول الأعداء"، ختم قبيسي.
أما موضوع "الاستراتيجية الأميركية لمواجهة إيران في العقد الأخير - محاولة تقييم"، فقد تحدّث عنه الدكتور اللقيس الذي اعتبر أنّ الصراع بين أميركا وإيران هو الأعمق وأنّ أميركا من الممكن أن تفاوض إيران ومن جهة أخرى تطعن في الظهر تحقيقًا لمصالحها، فصراعها مع إيران جوهري وبنيوي في حركة التاريخ وليس صراعًا هامشيًا.
وبحسب اللقيس فقد "انتقلنا اليوم من الصراع الكلاسيكي إلى أنواع جديدة من الصراعات منها التركيبي"، وأنّ "الثورات تأخذ مسارات وتولد فرصًا خلال تلك المسارات لطرفي النزاع وأهدافهما".
وأوضح اللقيس "إيران تقّدم نفسها بأنها دولة وثورة أما الأميركي لا يقدّم نفسه واقعيًا على هذا الأساس لكنه يخدع العالم بشعارات وخطابات غير حقيقية بل وهمية"، وأضاف "هناك دوائر في البلدين تعمل على التأثير في المدى الممكن وبمقدار قدرتها في مختلف القارات والبلدان".
وتابع اللقيس "كذلك إقليميًا لكل من إيران وأميركا نظرته الخاصة في شرق آسيا وكذلك في الدائرة المباشرة وهذا يعني الاستهداف المباشر بين أميركا وإيران"، ويرى اللقيس أنّ أولوية أميركا وجود "إسرائيل" وبقائها، فنشأ مقابلها قطب آخر وهو إيران، وكانت أميركا تريد أن تسيطر على الممرات المائية إلا أنه اليوم كل حلفاء إيران موجودة على تلك الممرات، كما إنّ أميركا كانت تريد أن تمنع أي دولة من الدخول إلى المنطقة للاستثمار إلا أن الأمر اليوم قد تغيّر، كما أرادت أميركا أن يكون هذا الإقليم معبرًا لها للشرق إلا أنّ إيران منعت هذا وأوجدت خطًا موازيًا لخط "إسرائيل"، وكذلك فشلت أميركا في منع إيران من بسط نفوذها في المنطقة حيث أصبح أكثر تأثيرًا وحضورًا".
ولفت اللقيس إلى أنّ أميركا حاولت أن تحد من نفوذ إيران بخلق عزلة سياسية واقتصادية إلا أننا وجدنا إيران بالـ"بريكس" و"شنغهاي"، وعملت ايران على التعاون الدولي مع باقي الدول في تلك المنظمات.
ورأى اللقيس أنّ أهمية الجمهورية الإسلامية أنها في موقع المنشئ أي أنها تنشئ اتجاهات سياسية وفكرية واقتصادية ومن هنا تجعل العالم يشكك بمقدرة أميركا. وهذا دليل على تقدم العقل السياسي الإيراني على العقل الأميركي، لافتًا إلى أن الجمهورية الإسلامية استطاعت أن تنزع "الشرعية" عن أميركا ما جعل باقي الدول تتجرأ وتقف بوجهها بموقع المتحدي لها.
في ختام الندوة تحدث عدد من الشباب والشابات بمداخلات وأسئلة توجهوا بها إلى المحاضرين الثلاث والذين بدورهم أجابو على أسئلة الحضور.
أکتب تعلیقک.