السيِّد كميل باقر: واجب الفنانين الثوريين إدراك الجمال الحقيقي وإبرازه وتظهيره وترويجه وتبيينه
ألقى المستشار الثقافيّ للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في لبنان السيد كميل باقر كلمةً في إطلاق العرض المسرحيّ العاشورائيّ «طريق الشّمس» أكّد فيها على أهميّة دور الفنّ ومسؤوليّة الفنّان ومبيّنًا الفروقات الجوهريّة في النظرة إلى الفن بين المدرسة الإلهيّة والمدرسة الماديّة. أُلقيت الكلمة بحضور رئيس الجمعية القائد الشيخ نزيه فيّاض ومفوّض المنطقة الثانية، وحضور حاشد لشخصياتٍ فنّية وتربوية وبلدية وكشفية وفعاليات من مختلف الجهات والمؤسسات.

السيِّد كميل باقر: واجب الفنانين الثوريين إدراك الجمال الحقيقي وإبرازه وتظهيره وترويجه وتبيينه
ألقى المستشار الثقافيّ للجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في لبنان السيد كميل باقر كلمةً في إطلاق العرض المسرحيّ العاشورائيّ «طريق الشّمس» أكّد فيها على أهميّة دور الفنّ ومسؤوليّة الفنّان ومبيّنًا الفروقات الجوهريّة في النظرة إلى الفن بين المدرسة الإلهيّة والمدرسة الماديّة. أُلقيت الكلمة بحضور رئيس الجمعية القائد الشيخ نزيه فيّاض ومفوّض المنطقة الثانية، وحضور حاشد لشخصياتٍ فنّية وتربوية وبلدية وكشفية وفعاليات من مختلف الجهات والمؤسسات، وفيما يلي نصّ الكلمة:
من أهمّ أدوار الفنّ، إبراز الجمال وتظهيره، وهو من القضايا المشتركة في فلسفات الجمال أو علم الجمال أو الجماليات، ومن الأمور المؤكدة والمتفق عليها لدى جميع المدارس الفنية. يحاول الفنّان أن يكتشف الجمال المستور والمخفي في ثنايا الأشياء، والفنّان القدير هو ذلك الغوّاص الماهر الذي يغامر ویغوص في مياه الحقائق والأمواج المتدفّقة لكي يستخرج لؤلؤةَ الجمالِ المكنونةَ في أعماق البحار المظلمة، وبالتالي عندما یعرض هذه اللؤلؤة علی الآخرين فهم یشعرون باللذة والانبهار والإعجاب.
أما الخلاف والاختلاف یكمن في تعریف الجمال ومفهوم الجمال ومعرفة الجمال وإدراك الجمال. الفرق بين المدارس الفنية المادية والمدرسة الإلهية أنّ الجمال في المدرسة الإلهية لا ينحصر في جمال الظاهر والمظهر، وليس محدوداً بالجمال الذي يمكن رؤيته بعين الجسد. الجمال أرقى وأرفع وأعظم من أن يتأطّر بحدود المادّة وقيود الجسد.
طبعاً ظلم المدارس الغربية في حقّ الإنسان لا يقتصر فقط علی نظرتها الضيقة والقاصرة تجاه الجمال وحصرِه بالجمال المادّي وإخفاء الجمال المعنوي، وإنما الأخطر هو تغليفها للأمور القبيحة والبشعة وتقدیمها في القوالب الفنية علی أنّها أمور جميلة. هذا الجمال المزيّف يريد الغرب أن يفرضه علی الإنسان ليغيّر فطرته السليمة وروحه المحبّة للجمال الحقيقي، حتی يخرج الإنسان عن إنسانيته ويفقد قيمته الذاتية.
أمّا المدرسة الإلهية، فهي تفتح آفاقًا واسعةً أمام الإنسان، وترفعه من مستوی الماديات، لكي يری أجمل الحقائق في العالم، بل وحقیقة الجمال وذات الجمال وکُنه الجمال. طبعاً إدراك الجمال الحقيقي والمعنوي هذا ليس إدراكاً استدلالياً وفلسفياً، وإنما هو معرفةٌ عرفانية وحكمة متعالية، أو ما نعبّر عنه بالكشف والشهود للحقيقة. والوصول إلی هذا المستوی العالي من إدراك الجمال ومعرفة الحقائق الجميلة لا يكون ممكنًا إلا لأهل التقوی وتزكية النفس. لأنّ العائق الأساسي أمام أعين الباطن هو الذنوب والمعاصي التي تعمي البصيرة.
فلذلك علی الفنّان أن يبدأ من تطهير نفسه وعليه أن يُزيل الغبار من علی مرآة قلبه حتی تتجلّی شمس الجمال الإلهي في روحه ويکون قادراً علی أن يعكسَ هذا الضوء بمقدار سعة مرآة قلبه وبمقدار شفافية هذه المرآة. وکما يقول الشاعر الإيراني صائب التبریزي: «آيينه شو جمال پریطلعتان طلب».
فقط في هذه الصورة يتمکّن الإنسان من معرفة وإدراك جمالية كربلاء، وفقط لهذا السبب تستطیع زينب (سلام الله علیها) أن تقول «ما رأيت إلا جميلا»، وإلا فالعقل المادّي المحدود المتحجّر لا يُدرك جمال عاشوراء، ولا یَشعر بلذّة من مشاهدة صور الوفاء والأدب والتضحية والعزة والإباء ورفض الذل ومقارعة الظلم ومطالبة العدالة والصبر والبصيرة والشجاعة والشهادة في سبیل الله وغیرها من الحقائق الجميلة المتجلية في ملحمة الحسين (علیه السلام).
وکما يقول سماحة الإمام الخامنئي: «ما تتوقّعه الثورة الإسلامية وتنتظره من الفنّان لیس بالأمر المبالَغ فیه، بل هو مبني علی أساس علم جمال الفنّ، فالفنّ هو ذلك الشيء الذي يدرك الجمال. والجمال لیس بالضرورة أن يكون وروداً وعصافير، بل قد يكون أحياناً مشهد تحمّل ومقاومة واصطبار شخص أُدخل في النار، قد يكون هذا أجمل بكثير من مشهد الورود والعصافير. فعلی الفنّان أن یری هذا الجمال ويدركه أوّلاً، وأن یظهره ويبيّنه بلغة الفنّ ثانياً».
إذاً هذا هو واجب الفنانين الثوريين؛ إدراك الجمال الحقيقي وإبرازه وتظهيره وترويجه وتبيينه، ومواجهة التزيیف والتشویه والتحریف. نعم، هذا هو الفنّ الجهادي وهذا هو جهاد التبيين. وما نشاهده الیوم علی خشبة هذا المسرح هو نموذجٌ راقٍ من هذا الفنّ الجهادي. «طریق الشمس» عمل مسرحي عاشورائي یسلّط الضوء علی بعض التفاصيل الجميلة المخفية عن أعيننا في قصة كربلاء، لعلّنا من خلال مشاهدة هذا العمل الفني وعبر البکاء علی الحسین نمسح غبار الذنوب عن مرآة قلوبنا لكي نستأهل انعکاس طیف هذه الشمس الحسینية.
أکتب تعلیقک.