حرق القرآن الكريم في السويد: جريمة عنصرية تحت غطاء حرية التعبير
صدفة أن تتزامن جريمة حرق القرآن الكريم في السويد في أول أيام عيد الأضحى لدى المسلمين، مع مقتل شاب من أصول عربية في فرنسا على يد شرطي والذي كان سببًا في اندلاع مواجهات عنيفة بين الغاضبين وقوات الشرطة في باريس وضواحيها، أدت إلى الفوضى والتخريب. وليس من الصدفة أن تكون عملية حرق القرآن الكريم التي سمحت بها السلطات السويدية أمام مسجد استوكهولم، سببًا أساسيًا في استفزاز مشاعر الجاليات العربية والإسلامية الموجودة في السويد، وفي كل أوروبا وجميع أنحاء العالم الإسلامي.
ليس صدفة أن تتزامن جريمة حرق القرآن الكريم في السويد في أول أيام عيد الأضحى لدى المسلمين، مع مقتل شاب من أصول عربية في فرنسا على يد شرطي والذي كان سببًا في اندلاع مواجهات عنيفة بين الغاضبين وقوات الشرطة في باريس وضواحيها، أدت إلى الفوضى والتخريب. وليس من الصدفة أن تكون عملية حرق القرآن الكريم التي سمحت بها السلطات السويدية أمام مسجد استوكهولم، سببًا أساسيًا في استفزاز مشاعر الجاليات العربية والإسلامية الموجودة في السويد، وفي كل أوروبا وجميع أنحاء العالم الإسلامي.
يبدو أن هناك جهات تحاول أن تلعب على وتر النعرات الدينية والطائفية لضرب ليس فقط الاستقرار والأمن في دول أوروبا، وإنما لاستهداف الجاليات المسلمة تحديدًا وتحميلها مسؤولية الخراب والإرباك والفوضى والأزمات التي تعيشها هذه الدول بسبب تراكمات كثيرة ومنها الأزمة الأوكرانية التي تلقي بظلالها على كل أنحاء أوروبا.
يأتي التحرك العنصري والإجرامي بحرق القرآن الكريم تزامنًا مع إعطاء الضوء الأخضر بعد مرور أسبوعين على رفض محكمة استئناف سويدية حظر الاحتجاجات التي یتم تنظیمها لإحراق المصاحف. إن هذا العمل الإجرامي، وسماح الشرطة السويدية للعنصريين المتطرفين بإحراق القرآن الكريم نهار يوم عيد الأضحى، إضافة إلى أنه يشكّل جريمة واضحة ضد حرية المعتقدات والأديان، فإنه أيضًا يمثل بصورة عامة استمرارًا لنهج الغرب في معاداة الحرية، وارتكاب أبشع أنواع العدوان على حقوق الإنسان وخاصة حرية المعتقد. هذا التصرف ليس مستغربًا من هؤلاء العنصريين، فإقدامهم على هذه الفعلة المشينة ضد القرآن الكريم، وبالتالي استهداف العرب والمسلمين، وخلق حالة من الإسلاموفوبيا المقيتة، يؤكد على أنّ تاريخهم زاخر بمثل هذه الجرائم رغم ادعاءاتهم العقيمة والكاذبة بالدفاع عن الحريات العامة.
إضافة إلى ذلك، نرى أنهم قاموا باصطناع وتنظيم فرق وحركات تدعي الإسلام، تتفنن في القتل والذبح وتخريب الأوطان، كما اعترف بذلك رئيس المخابرات الأمريكي السابق جيمس ولسلي، فهذه الجرائم لم يرتكبها العرب والمسلمون وليسوا هم الذين أشعلوا الحرب العالمية الأولى والثانية ومجازرهما الرهيبة، بل الغرب هو الذي استباح كل القيم والمبادئ، واعتمد سياسة الإبادة البشرية خدمة لمصالحه الاستعمارية ولسطوته على مقدرات الشعوب.
من هذا المنطلق تأتي جريمة إحراق القرآن الكريم في السويد استمرارًا لهذا العداء الغربي ومنظومته الاستبدادية ضد حقوق الإنسان. لكنها أيضا تطرح العديد من الدلالات على أن هناك جهات في الغرب، وتحديدًا في أوروبا، تعمل اليوم على ضرب واستهداف الجاليات العربية والإسلامية وكل الأقليات العرقية بحجج مختلفة من أجل تحقيق مشروع، يبدو أنه سيكون مشروع تخريبي لكل القارة الأوروبية. هذه الجهات، هي جهات يمينية متطرفة مدعومة من الاستخبارات الأمريكية وتتحرك بكل حرية في كل أوروبا، وسلاحها الوحيد للوصول إلى السلطة هو ضرب الأقليات، واستخدام عنصر الفوضى والتخريب وضرب الاستقرار.
اليوم نشهد تغير كبير في أوروبا وتحديدًا في الدول الأوروبية الكبرى وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا، حيث بدأت تظهر إجراءات القمع للحريات التي تقودها الفاشية المتأمركة والتي بدأت تتحرك في كل الاتجاهات للسيطرة على الحريات، لينكشف زيف الادعاء الذي طالما تغنّت به هذه الدول حول الحريات والقيم الإنسانية والذي لم يكن سوى مبرر وواجهة مزيفة استخدمتها الحكومات الأوروبية لسنوات عديدة لمواجهة المد الشيوعي في مرحلة من المراحل. لكن يبدو اليوم أن الواقع الجديد بدأ يفرض نفسه وسياسات الحكومات الأوروبية اليوم، ذاهبة إلى مزيد من القمع والتسلط والسيطرة والهيمنة على حقوق الناس وحرياتهم.
لا بد من التأكيد على أنّ تزامن جريمة حرق القرآن الكريم مع جريمة قتل الشاب الفرنسي من أصول عربية في فرنسا، جاءت لتغذية التوجه والسلوك الغاضب وذلك بجعل خلفية الاحتجاجات الغاضبة على العملية، مرتبطة بهوية معينة.
من هنا، يظهر الربط الواضح بين العمليتان في الزمان والتوقيت، الذي يبدو أن الهدف منه هو التصويب بشكل أساسي على فئات اجتماعية معينة كانت ولا تزال تعتبر جزءا أساسيًا من النسيج الاجتماعي الأوروبي، لكنها بالتأكيد تشكل عائقا كبيرًا أمام مشاريع الهيمنة والسيطرة الفاشية التي يمثلها اليمين المتطرف العنصري المنتشر اليوم في كل أوروبا.
د. سهام محمد
أکتب تعلیقک.