قلعة شَهرسب في أبَرکوه، مَسکنٌ قَدیمٌ لِأهلِ القرى الصحراویة

تعتبر مدینة أبَرکوه التاریخیة واحدة من أقدم المدن في ایران، وتضم أكثر من 400 معلم تاریخی، وتعد من أهم الوجهات السیاحیة في البلاد. وتتمتع قریاها وبلدیاتها بتاریخ ثقافي هام، مع وجود العديد من المعالم البارزة. ومن بین هذه المعالم، تأتي قلعة شَهرسب التي تقع في قرية بنفس الاسم.

مميزات شَهرسب
توجد في توابع أبَرکوه 12 قریة، تم تسمیتها بأسماء شهور السنة. وتعد قریة آذر التي تعرف حالیاً بشَهرسب واحدة من هذه القرى.

شَهرسب تنتمي إلى فخذ من قبيلة "هزاراسب" الإيرانية، ومن الملاحظ أن اسم أحد أفراد هذه القبيلة قد ورد على قبة "عالی" في أبَرکوه. في "شاهنامه" الفردوسي، يُذکر "شَهرسب" كأحد الشخصيات الأسطوریة الذي كان أمیناً ومرشداً للملك طهمورث، الذي قاد إيران نحو العدالة والإعمار.

العمارة في شَهرسب
تبلغ مساحة شَهرسب حوالي 35 هکتارًا، وتستوعب نحو ألف نسمة. كان شَهرسب في بدايته محاطًا بجدار وبرج دفاعي، ولكن مع نمو السكان، توسعت الأبنیة خارج الحزام الدفاعي القديم للقرية.

أسطح المنازل في قرية شَهرسب
تم بناء المنازل في شَهرسب باستخدام الطوب اللبن، وتتميز أسقفها بشكل القبة. إن استخدام الطوب اللبن كمادة أساسية للبناء يعود إلى توفره محليًا، فضلاً عن كفاءته في تهوية المنازل والحفاظ على برودتها. وتُعد الأسقف القبابية في المناطق الحارة والجافة أسلوبًا معماريًا يهدف إلى تقليل امتصاص الحرارة من الشمس، حيث تركز الشمس على جانب واحد من السقف مما يقلل من الحرارة الداخلة.

تعتبر المنازل في شَهرسب صغيرة وبسيطة، ولكن هناك بعض المنازل الكبيرة التي تتميز بزخارف الجص، والمقرنصات، والنقوش الزخرفية الإسلامية من الزهور والأغصان. تم تصميم شوارع القرية على نمط شبكي، وأغلب المنازل هي ذات طابق واحد.

اقتصاد شَهرسب
تعد صناعة السجاد اليدوي من أهم الصناعات التقليدية في شَهرسب، حيث تشتهر النساء في القرية بإنتاج السجاد في بيوتهن. كما أن الزراعة وتربية المواشي من الأنشطة الاقتصادية الأساسية الأخرى في القرية.

ويعتقد أهل شَهرسب أن قريتهم كانت في الماضي مكانًا لتربية الخيول، وأن شيوخ القرية كانوا يعيشون من خلال رعاية الخيول. وإذا كانت هذه الفرضية صحيحة، فإنه قد تم الاحتفاظ بأعداد كبيرة من الخيول في القلعة في وقت ما.

تاريخ قلعة شَهرسب
توجد في قرية شَهرسب مستوطنات قديمة تشبه الكثير من المناطق الأخرى في إيران. هذه المستوطنات محاطة بأسوار وأبراج مراقبة. وفي وسط هذه المستوطنات، كان يتم بناء قلعة حصينة يسكنها الحاكم أو الوالي. وفقًا للآثار المتوافرة، يُعتقد أن قلعة شَهرسب كانت من المجمعات السكنية القديمة في إيران، وهي تشبه من حيث هيكلها قلعة بم.

الواجهة الداخلية لقلعة شَهرسب في أبَرکوه
تم بناء قلعة شَهرسب من الطوب اللبن، مثل بيوت القرية. يؤرخ المؤرخون بناء القلعة إلى فترة الصفويين في القرن السادس عشر الميلادي. كانت القلعة تستخدم كمقر سكني لفترات طويلة. في فترة قاجار (القرن الثامن عشر)، زاد عدد السكان في القلعة مما أدى إلى توسيعها لتستوعب هذا النمو السكاني. يوجد في القلعة قبور لأشخاص دفنوا في غير اتجاه القبلة، مما يشير إلى أن القلعة قد أُنشئت فوق أنقاض بناء قديم يعود إلى ما قبل الإسلام.

العمارة في قلعة شَهرسب
تغطي القلعة مساحة 17 ألف متر مربع، وتتميز ببوابة مرتفعة. توجد ثمانية أبراج مراقبة في زوايا القلعة الأربعة. بالإضافة إلى الطوب اللبن، تم استخدام الحجر، الطوب المحروق، والخشب في بعض أجزاء القلعة. يحيط بالقلعة أسوار مرتفعة من الخارج، بينما تحتوي القلعة على حصارين متحدين في المركز من الداخل، ما يجعلها تحتوي على 16 برجًا للمراقبة بشكل إجمالي. يعد هذا النظام الأمني الكبير وسيلة فعالة لضمان أمان القلعة. إلى جانب المنازل السكنية، كانت هناك مخازن للحبوب ومرابط للحيوانات.

تسجيل قلعة شَهرسب في السجل الوطني
تم تسجيل قلعة شَهرسب في قائمة التراث الوطني الإيراني في عام 2005 ميلادي (1384 هجري شمسي).