حسين سعادتمند، مبتكر أسلوب جديد في المديح الإيراني لآهل البیت (ع)
ينبغي اعتبار حداد محرم أكبر حدث ديني في إيران. قبل أيام قليلة من بداية شهر محرم الحرام (الشهر الأول من التقويم القمري الهجري)، يستعد الشعب الإيراني لمراسم عزاء الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه. ويقام هذا الحفل كل عام في جميع أنحاء إيران وهو مظهر من مظاهر إخلاص الإيرانيين لذلك الإمام الشهيد. تشكلت طريقة أداء هذه المراسيم منذ قرون مضت وأصبحت جزءًا من الثقافة الطقسية للشعب الإيراني. لذلك، في أجزاء مختلفة من إيران، وفقًا لثقافة ومعتقدات الناس، تم إنشاء مراسيم خاصة وقد تمّ حفظها على مر السنين. وفي هذا السياق تعتبر يزد من أهم المدن في إيران، حيث تقام العزاء في شهر محرم كل عام بعادات ومراسيم خاصة. ومن مظاهر الحداد والعزاء في محرم بمدينة يزد هو أسلوب الحداد الخاص به. أسلوب ينسب إبداعه إلى حسين سعادتمند. سعادتمند هو رادود يزدي شهير يمزج الملاحم والمراثي في رثائه.
دور الرواديد في عزاء محرم
عادة ما يتكون العزاء في المحرم من جزأين: الأول خطبة دينية، والثاني الثناء وذكر المصيبة. وعادة ما يكون المخطباء في مراسم العزاء من علماء الدين، ويعبرون في خطبهم عن نقاط أخلاقية وقضايا دينية ويشرحون أحداث التاريخ الإسلامي واستشهاد الإمام الحسين عليه السلام. كما أن الرواديد من خلال إلقاء قصائد في قسمين، ذكر المصائب وقراءة اللطميات يذكرون مصائب الإمام الحسين وأصحابه يوم عاشوراء، مما يخلق الحماس والإثارة بين المستمعين والمشاركين في المراسيم. وفي اللطميات تؤدى القصائد عادةً على شكل شجي، ويضرب المشاركون على صدورهم حسب إيقاع اللطمية.
تهدف جميع مراسم العزاء إلى تكريم صفات الإمام الحسين بن علي عليه السلام في نظاله وقضيته العادلة وتذكير المشاركين بأنه يجب عليهم دائمًا أن يكونوا أتباعًا للإمام الحسين عليه السلام وألا يستسلموا للظلم حتى نهاية حياتهم.
من هو حسين سعادتمند؟
ولد حسين سعادتمند في يزد عام 1951 م. كان والده علي أكبر أحد خدام مراسيم الإمام الحسين عليه السلام في حي فهادان في يزد وكان يخدم المشاركين في مختلف المراسيم. نشأ سعادتمند في أجواء الرثاء واللطميات والمراسيم الحسينية. في شبابه، درس الموسيقى الإيرانية في نفس الوقت الذي تعلم الدروس ليكون رادوداً، حتى أنه أصدر ألبومًا موسيقيًا في الثمانينيات. بدأ عمله رسميًا في عام 1980 م كرادود لحيّ الفهادان في يزد.
طوال سنوات من المديح الحسيني، قدم حسين سعادتمند العديد من اللطميات، والتي أصبح الكثير منها خالدة في ذاكرة الشعب الإيراني. توفي عام 2014 بعد فترة من المعاناة مع المرض.
أسلوب لطميات حسين سعادتمند
اهتم سعادتمند كثيرًا بالبساطة وطلاقة الكلمات في اختيار الشعر للطمياته. ورأى أن فضائل أهل البيت عليهم السلام وماساة كربلاء يجب أن تقال بلغة بسيطة لتترك أكبر كميّة من الأثر على الجمهور. إن إتقان سعادتمند للنغمات الموسيقية والأجزاء الصوتية الإيرانية قد حقق له نجاحًا كبيرًا في أداء اللطميات، خاصة في النغمات العالية. وكان بارعاً في فن التعبير والإلقاء والطبقات الصوتية. كانت ألحان سعادتمند في المدح يتمّ تنظيمها وفقًا لموسيقى الآلات الإيرانية. من الممكن ملاحظة الأجزاء الثلاثة من "المطلع" و"الذروة" و"الختام" التي تلاحظ في الغناء الإيراني في لطميات سعادتمند. واليوم، يهتم المداحون اليزديون الشباب، على غرار سعداتمند، بتعلم الموسيقى الإيرانية كأحد متطلبات المدح لآل البيت.
وكان استخدام النغمات الجديدة والاستفادة من هتافات المشاركين وتكرارهم لكلمات الرادود في العزاء ومزج الإيقاعات المختلفة في الأداء من بين الأمور التي أوصلت سعادتمند إلى أعلى مستوى من النجاح في المدح وإنشاد اللطميات. ويعتبر سعادتمند هو مبتكر أسلوب اللطميات بجوابات متعددة، حيث يكرر المشاركون ردًا على الرادود بإيقاعات مختلفة حسب القصيدة. وعلى الرغم من شهرة سعادتمند باعتباره رادوداً يزديًا، إلا أن العديد من الرواديد في جميع أنحاء إيران يقلّدون أسلوبه.
تسجيل لطميات حسين سعادتمند على المستوى الوطني
وبسبب إبداعات الراحل حسين سعادتمند في المدح الإيراني وخدماته في هذا المجال، تم تسجيل أسلوب "الرثاء والمدح على طريقة الأستاذ الراحل حسين سعادتمند" في قائمة التراث غير المادي في إيران عام 2020.
الإسم | حسين سعادتمند، مبتكر أسلوب جديد في المديح الإيراني لآهل البیت (ع) |
الدولة | إیران |
الرابع عشر | |
نوع |