الطقوس العاشورائية في مراغه؛ أبرز تجليات ثقافة وتاريخ المدينة

مراسم العزاء في شهر محرّم؛ أحد أغنى المظاهر الدينية والثقافية للشعب الإيراني

تُعدّ مراسم العزاء في شهر محرّم من أغنى وأبرز التجليات الدينية والوطنية في ثقافة الإيرانيين. ففي مختلف أنحاء إيران نشأت طقوس متنوّعة متناسبة مع التاريخ والهوية الثقافية لكل منطقة، بحيث لا تُرى مشابهتها في أماكن أخرى. وفي مدينة مراغه الواقعة في محافظة أذربيجان الشرقية تتجلّى هذه الطقوس بشكل واضح، طقوسٌ ضاربة الجذور في التاريخ وتعكس مدى محبة الناس لشخصية الإمام الحسين(ع). وقد سُجّل عدد من هذه الطقوس ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي في إيران بهدف التعريف بها على نطاق واسع.

مراغه؛ مدينة تاريخية مهمّة في المنطقة

مراغه هي ثاني أكبر مدينة في محافظة أذربيجان الشرقية، وتبعد 135 كيلومتراً عن تبريز مركز المحافظة. حظيت هذه المدينة بمكانة بارزة منذ العصور القديمة، وبلغت ذروة ازدهارها في عهد الإلخانيين (القرنان الثالث عشر والرابع عشر الميلاديان) حين كانت عاصمةً لهم. وفي تلك الفترة شُيّدت معظم آثارها التاريخية الشهيرة، وعلى رأسها مرصد مراغه، والذي كان في زمانه من أهم المراكز العلمية في العالم واستقبل علماءً من مختلف الأوطان.

يبلغ عدد سكان مراغه أكثر من 175 ألف نسمة، ومعظمهم من المسلمين الشيعة، ولذلك فإنّ مراسم العزاء الحسيني فيها تُعدّ جزءاً أصيلاً وراسخاً من تاريخها وهويتها الثقافية.

انطلاق مراسم محرّم

تبدأ الاستعدادات لاستقبال محرّم قبل حلول الشهر بأيام، فبعد الاحتفال بعيد الغدير يُهيّئ الناس الحسينيات والتكايا وتُكسى الشوارع بالسواد. وفي الأيام العشرة الأولى من محرّم تُقام مراسم تقليدية بارزة، من أهمّها:

• هاتفو شاه حسین

• علم‌بندان

• واعباس

• حجلة قاسم بن الحسن(ع)

• شمع‌گرداني

• الله الله حسینه‌وینا

مراسم "هاتفو شاه حسین "

تُقام هذه الشعيرة في مراغه وعدد من المدن الناطقة بالتركية الأذرية. يهتف المشاركون: «شاه حسين! وای حسین!» والتي تُلفظ محلياً «شاخسي واخسي». وقد سُجّل هذا الطقس عام 2015 في قائمة التراث الوطني غير المادي لإيران.

تبدأ المواكب قبل محرّم وتستمر حتى ليلة عاشوراء، وتخرج كلّ ليلة من أحد محلات المدينة حيث يحمل العزّاء عصياً صغيرة ويرددون النداء الخاص بالمراسم.

مراسم "علم‌بندان"

سُجّل هذا الطقس عام 2011 في قائمة التراث الوطني غير المادي. ويُقام في اليوم الثالث من محرّم، ذكرى وصول ركب الإمام الحسين إلى كربلاء. ترفع كلّ محلة علماً خاصاً مزيّناً بالسواد، ويُعدّ علم ميدان دروازه بارتفاعه الذي يتجاوز 12 متراً الأشهر بينها.

مراسم "واعباس"

في ليلة تاسوعاء يقام طقس حزين يخصّ العباس بن علي(ع)، حيث تجتمع مجموعات صغيرة ويقوم المشاركون بالضرب على صدورهم منادين: «واعباس».

إضاءة الشموع في 41 مسجداً

استناداً إلى الروايات التي تشير إلى نصب الإمام الحسين(ع) 41 خيمة ليلة عاشوراء بهدف إظهار كثرة أنصاره، يقوم أهالي مراغه في تلك الليلة بإضاءة الشموع داخل 41 مسجداً تاريخياً في المدينة. وقد سُجّلت هذه المراسم عام 2012 في قائمة التراث الثقافي غير المادي تحت اسم "شمع‌گرداني".

طقس "الله الله حسینه‌وینا"

في صباح عاشوراء، وبعد أداء صلاة الفجر، ينطلق الأهالي من حسينية حاج غفار بملابس بيضاء تشبه لباس الإحرام، حفاة الأقدام ووجوههم مغطاة بالتراب والرماد، تعبيراً عن حجّ الإمام الحسين غير المكتمل عندما غادر مكة عام 60 للهجرة متوجهاً إلى كربلاء استجابةً لرسائل أهل الكوفة.