عادات وتقاليد قبائل أرسباران: أسر أصيلة ومجتهدة

تُعتبر قبائل أرسباران، التي كانت تُعرف قديماً باسم "قره‌داغ"، منطقة واسعة تزيد مساحتها عن 9 آلاف كيلومتر مربع، وتشمل أجزاءً من ثلاث مدن: كليبر، ورزقان وأهر في محافظة أذربيجان الشرقية. يُحدد نهر أرس شمال المنطقة، والذي يشكل الحدود بين إيران وجمهورية نخجوان ودول أرمينيا وأذربيجان، فيما تحدّ مدينة هريس جنوباً، ومحافظة أردبيل شرقاً، ومدينة مرند غرباً.

ثقافة عشائر أرسباران:
تتألف عشائر أرسباران من ست قبائل رئيسية: تشليبانلو، حاج عليلو، محمد خانلو، حسينكلو، حسن بيغلو وقاراجورلو. هذه القبائل شيعية ومتحدثة بالتركية. بعض أفرادها استقروا في مناطق محددة، لكن نمط الحياة الرحّالة لا يزال قائماً لدى جزء من القبائل. لعبت عشائر أرسباران دوراً فعالاً في التاريخ الإيراني، خصوصاً خلال أحداث الدستور الإيراني.
يبلغ عدد الأسر المستقرة حوالي 1600 أسرة (قرابة 8300 فرد)، في حين يزيد عدد الأسر الرحّالة على 3000 أسرة (حوالي 17 ألف فرد). يقضي الرّحّل ثمانية أشهر في مناطق الشتاء (قشلاق) ويتوجهون في بداية يونيو (منتصف خرداد) إلى مناطق الصيف (ييلاق). وهذه القبائل تتميز بعادات وتقاليد عريقة.

عادات محرم:
تقدّم عقيدة عشائر أرسباران الشيعية مكانة كبيرة لمراسم عزاء شهر محرم وذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام). عادةً، يخصص شيوخ كل قبيلة مكاناً لإقامة مجلس العزاء، حيث يُوضع علم العزاء على الأرض. ومن المعتاد أن يربط كل من له حاجة أو نذر قطعة قماش ملونة على هذا العلم، ويزورونه يومياً لرؤيته. يُتلى الرثاء والعزاء ثلاث مرات يومياً في مكان إقامة المراسم.
أحياناً، يقوم صاحب المكان بذبح خروف يومياً وتوزيع لحمه على المشاركين، ويُعرف هذا العمل باسم "الإحسان" أو "الخَرج". من العادات أيضاً ترك العلم في مكانه حتى بعد انتهاء مراسم العزاء، ويظل ثابتاً حتى أثناء التنقل، إلا إذا أسقطه الطقس كالرياح أو الثلوج.

عادات الزواج:
الزواج في عشائر أرسباران له أبعاد سياسية واجتماعية ودينية. تقرب الزواج الأسر والبطون المختلفة من بعضها البعض، وعدم الزواج يُعتبر مذمومًا. بسبب الحياة الرحّالة، غالباً يتم الزواج بين الأقارب مثل أبناء العمومة.
عادةً، تتولى النساء التحضيرات الأولية بالتشاور مع بعضهن، ثم تُقام مراسم الخطبة حيث يقترح كبار العائلة، المسمون "إيلجي"، الزواج. رفض الاقتراح يُعد إساءة. بعد القبول، يرسل والد العريس هدية للعرائس مثل سجاد أو مبلغ نقدي أو ماشية، تُعرف باسم شيْربها أو "باشليق" بالتركية.
تأتي العروس بمهرها، عادةً مكون من سجاد وأغطية سرير وأدوات يدوية الصنع، وقد تكون صنعتها بنفسها. بينما يمتلك العريس ماشية تُعد رأس مال له للعيش والعمل.

عادات الموت والعزاء:
عند وفاة شخص، يحضر جميع أفراد القبيلة مراسم الدفن وفق الشريعة، حيث يُغسل الميت ويكفن. إذا وُجد مقبرة، يُدفن فيها، وإلا يُنقل إلى أقرب قرية. لإحياء ذكرى الميت، يجتمع الرجال في مظلة لتلاوة القرآن، بينما النساء يجتمعن في مظلة أخرى للعزاء، ويقرأ أحد النساء أشعار الرثاء ويبكي البقية معها.
من العادات أيضاً أن يُحضِر المشاركون في العزاء ماشية أو طعاماً لتغطية تكاليف المراسم. وإذا كان هناك احتفال أو زواج مقرر، يتم تأجيله عادةً حتى اليوم الأربعين بعد الوفاة.