الطباعة بالقوالب: ومنتجاتها الجميلة والجذابة.

الطباعة بالقوالب: ومنتجاتها الجميلة والجذابة.

الطباعة بالقوالب: ومنتجاتها الجميلة والجذابة.
 

فن الطباعة الكلاغائية في أذربيجان الشرقية

من الفنون الرفيعة التي ازدهرت في ربوع إيران، ولا سيّما في محافظة أذربيجان الشرقية، فنّ الطباعة الكلاغائية، المعروف أيضاً بـ الباتيك، وهو من أقدم أساليب الزخرفة على الأقمشة، يجمع بين دقّة الصنعة وسحر اللون، وتجلّى فيه ذوق الفنان الإيراني وابتكاره منذ قرونٍ خلت. وقد سُجِّل هذا الفنّ النفيس عام 2010م (1389هـ.ش) ضمن التراث الثقافي غير المادي للمحافظة، اعترافاً بقيمته الجمالية والتاريخية.
أما مدينة أسكو الواقعة إلى الجنوب من تبريز، فقد كانت منذ القدم منبع هذا الفنّ ومهده، وبلغ صيته الآفاق حتى صار يُقال إنّ الطباعة الكلاغائية فيها ضاربة في القدم لأكثر من خمسة قرون، بل إنّ بعض ورشها العريقة لا تزال تُصدر منتجاتها إلى البلاد المجاورة، حيث تُستقبل بالإعجاب والتقدير.


ماهية هذا الفنّ وأصوله

الطباعة الكلاغائية ضربٌ من فنّ الصبغ المقاوم، يُستعان فيه غالباً بالأصباغ النباتية التي تستمدّ ألوانها من رحم الأرض، مثل الروْناس (الفُوة) والعُصفر وقشر الرمّان والكركم، فتُنتج أنسجةً تنبض بالحياة وتزهو بألوانٍ طبيعيةٍ خالدة.
وكان الحرفيون الأوائل يمزجون أوراق العنب والصودا الكاوية والطين ليُعدّوا مادةً لاصقة تُغطّى بها أجزاء من القماش كي تمنع عنها اللون. وبعد اكتمال الصبغ وغسل النسيج، تعود تلك المواضع إلى صفائها الأوّل، وتبقى الزخارف التي لم تمسّها المادة اللاصقة نابضةً بلونها الزاهي، فتنشأ لوحةٌ من توازنٍ عجيب بين الضوء والظلّ. ولهذا السبب سُمّيت هذه التقنية بـ «الطباعة المقاومة».

وفي إيران، صيغت مادّةٌ خاصة تُعرف باسم زيت الكلاغائي، تُصنع من شحم الغنم وشمع العسل والصمغ الخام (السَّقَز)، ولا تزال تُستعمل في الورش التقليدية حتى اليوم، محافظةً على روح الأصالة الأولى.


مراحل الإبداع

تبدأ العملية بتليين القماش في الماء الفاتر حتى تزول عنه طبقة النشا، ثمّ يُغمر في محلول الشَّبَّة (الزاج الأبيض) ليزداد قابليّةً لتلقّي اللون، وبعدها يُجفّف ويُمهَّد للطباعة.
تُعدّ القوالب الخشبية التي تُنقش عليها الزخارف والأشكال، وغالباً ما تكون مستوحاة من الأزهار والنباتات والتصاميم الإسلامية والهندسية، ثمّ تُثبّت لها مقابض خشبية تُعين الحرفي على ضغطها بثباتٍ فوق القماش.

تُذاب المادّة المقاومة فوق النار، ويُغمس فيها القالب، ثمّ يُطبَع على القماش بإتقانٍ وحذرٍ شديدين، وتُكرَّر العملية حتى يكتمل التصميم في تناغمٍ بصريٍّ يأسر الأبصار.
وبعد الطباعة، يُغمر النسيج في محلول الشَّبَّة لتثبيت النقوش، ثمّ يُترك ليجفّ ويُغمس بعدها في حوض الصبغة الأساسية التي تمنحه لونه العام.
وعند التجفيف يُوضع القماش بين ورقتين ويُكوى بحرارةٍ معتدلة، فتذوب المادة المقاومة وتبرز الزخارف بكلّ رونقها.
أمّا اللمسة الأخيرة، فتكون بغسل القماش في مذيبٍ للدهون كالبنزين، ثمّ تنظيفه بالماء والصابون وتعريضه للهواء تحت الظلّ حتى يعود حريراً ناعماً يفيض بالألوان.


جماليات اللون والروح

سرّ فتنة الطباعة الكلاغائية في صدق ألوانها، فهي ألوانٌ من الطبيعة، لم تمسّها المواد الصناعية، بل وُلدت من النبات والماء والنار واليد الماهرة.
ويُجيد فنانو أذربيجان الشرقية مزج الألوان في تناغمٍ يُشبه إيقاع الموسيقى، فتتجاور الحمرة بالزرقة، والصُّفرة بالخُضرة، في توليفةٍ لا تُخطئها العين ولا ينساها القلب.
إنّها صناعةٌ لا تُعنى بالمظهر فحسب، بل تُجسّد روح الإنسان وهو يحاور الطبيعة بخيوطٍ من نورٍ وطين، فتغدو كلّ قطعةٍ مطبوعةٍ عملاً فنيّاً قائماً بذاته، يُخلِّد عبقرية الحرفي وإحساسه الجمالي.

الإسم الطباعة بالقوالب: ومنتجاتها الجميلة والجذابة.
الدولة إیران
المدن
أدخل النص الخاص بک واضغط على Enter

تغییر حجم الخط:

تغییر المسافة بین الکلمات:

تغییر ارتفاع الخط:

تغییر نوع الماوس: