الفخار في ميبِد، خلق أعمال فنية من التراب الجامد

الفخار في ميبِد، خلق أعمال فنية من التراب الجامد

الفخار في ميبِد، خلق أعمال فنية من التراب الجامد

من الحِرَف اليدوية التي ازدهرت في مدينة ميبد التابعة لمحافظة يزد، تبرز حِرفة صناعة الفخار. وتُعَدّ هذه الصناعة فناً عريقاً في ميبد، إذ تطوّرت عبر العصور حتى بلغت اليوم مستوى رفيعاً من الإتقان والجمال في منتجاتها.


تاريخ صناعة الفخار في ميبد

يعود تاريخ الفخار في ميبد إلى أكثر من ألف عام. وقد عُثر في قلعة نارين – التي تُعَدّ من أقدم الحصون الحُكومية في العالم بعمرٍ يقارب أربعة آلاف سنة – على قطعٍ من الفخار الملوَّن تدلّ على قِدم هذه الحِرفة.
في الماضي، كانت ورش الفخار منتشرة في مناطق مختلفة من ميبد وتمتدّ حتى حيّ بَشنيغان، وهو مركز المدينة. وكانت أفران الحرق تعمل داخل المدينة حتى نحو أربعين عاماً مضت، قبل أن تُنقَل الورش إلى منطقةٍ تُسمّى الكَرْخانه خارج المدينة.


ورش الفخار في ميبد

تتراوح مساحة الورش بين 100 و1000 مترٍ مربّع، ويُستخدم فيها الطين المتوافر بكثرة في المنطقة كمادّةٍ أساسية.
وكان الحِرَفيّون قديماً يضعون علامةً خاصّة أو ختماً مميّزاً على كلّ قطعةٍ يصنعونها، تُعتَبَر بمثابة توقيعٍ شخصيّ وضمانٍ للجودة، بحيث يستطيع الزبون إرجاع القطعة إذا وجد فيها عيباً.


أنواع الفخار في ميبد

تُنتَج مصنوعات ميبد الفخارية بطريقتين رئيسيتين وفقاً للمادّة الخام المستخدمة، وهي على نوعين:

  1. الطين الطبيعي (الصلصال)

  2. الطَّفلة البيضاء، وهي خليط من الكوارتز والكاؤولين والسيليكا.

ويُقسَّم فخار الطين نفسه إلى نوعين:

  • الفخار الأبيض (سفیدوار): بسيط غير ملوّن، يُستخدم لصناعة الجرار والزهريات.

  • الفخار الملوَّن (رَنگينه‌وار): يُزيَّن بالألوان الزاهية، ويُستعمل لصناعة القِلال والخَوابي الصغيرة والكبيرة.

كذلك يُنتَج في ميبد نوعٌ آخر من الفخار يُعرَف باسم «الكاشي» أو «الناني» (اختصار نائيني).


مراحل صناعة الفخار من الطين

بما أنّ الطين المحيط بورش ميبد لا يملك اللزوجة الكافية، فإنّ الحِرَفيّين يجلبون الطين من مناطق بعيدة.
يُكسَر الطين ويُسحَق ثم يُخلَط بالماء ويُعجَن حتى يصبح عجينةً متماسكة تحتفظ بالرطوبة لنحو خمسة عشر يوماً.
تُقسَّم العجينة إلى كُتَلٍ صغيرة وتُعجَن مرّة أخرى على حجرٍ مسطّحٍ يشبه حجر الطاحونة لتصبح جاهزة للتشكيل.

يُستخدَم في التشكيل دولاب الفخّار، وهو قرصٌ خشبيّ دائريّ يدور حول محورٍ عمودي. قديماً كان الحِرَفيّ يديره بقدمه، أمّا اليوم فيُدار بوسائل ميكانيكية.
بعد تشكيل القطع، تُجفَّف في الشمس، ثم تُزيَّن حسب نوعها:

  • في الفخار الأبيض تُرسَم زخارف تُعرَف باسم «النقش الإبري» (سوزَني).

  • أما الفخار الملوَّن فيُغطّى بطبقةٍ من الطلاء الزجاجي (اللعاب).

وأخيراً تُرصّ القطع بعنايةٍ في الأفران بحيث تتوزّع الحرارة بالتساوي، لتجنّب التشقّق والكسر.


مراحل صناعة الفخار من الطَّفلة البيضاء (السيليكا)

تُجلَب الحجارة اللازمة لهذه الصناعة من محافظة قزوين البعيدة عن ميبد مئات الكيلومترات.
ولمنع تَشَقُّق الفخار، يُضاف مسحوق الزجاج إلى المزيج.
تُعرَّض القطع إلى عمليتَي حرقٍ متتاليتين في الأفران، وبعد التبريد تُرسم عليها الزخارف المطلوبة.


تلوين الفخار في ميبد

تُستخدَم في ميبد تقنية تُسمّى «الطلاء تحت الزجاج» (زيررَنگي).
بعد التلوين، يُضاف اللّعاب الزجاجي المصنوع من مسحوق الزجاج المطحون والممزوج بالماء والصمغ العربي وأحياناً برادة النحاس، ليُعطي لمعاناً شفافاً يحمي الألوان ويزيدها بريقاً.
ثم تُعاد القطع إلى الفرن مرة أخرى لتثبيت اللون والطلاء.


الزخارف المستخدمة في فخار ميبد

كانت الزخارف قديماً تُرسَم بوسائل شاقّة باستخدام ألوانٍ طبيعيةٍ نباتيةٍ محدودة. أما اليوم فقد أصبحت الألوان الكيميائية متوافرة بكثرة، خصوصاً الأزرق، والأخضر، والأسود، والأحمر، مما أتاح للحرفيين في ميبد إنتاج تحفٍ فنيةٍ فاخرة تجمع بين الأصالة والجمال.


���� إنّ فخار ميبد ليس مجرّد حِرفةٍ تقليدية، بل هو فنٌّ حيٌّ يجسّد ذاكرة الصحراء الإيرانية، ويعكس روح الإبداع والمهارة التي توارثها الحرفيون جيلاً بعد جيل.

الإسم الفخار في ميبِد، خلق أعمال فنية من التراب الجامد
الدولة إیران
أدخل النص الخاص بک واضغط على Enter

تغییر حجم الخط:

تغییر المسافة بین الکلمات:

تغییر ارتفاع الخط:

تغییر نوع الماوس: