الفخار بالطين الأبيض: فنّ مميز في أذربيجان الشرقية

الفخار بالطين الأبيض: فنّ مميز في أذربيجان الشرقية

الفخار بالطين الأبيض: فنّ مميز في أذربيجان الشرقية

فنّ الفَخَّار بخامة الطين الأبيض في أذربيجان الشرقية

كان التراب والماء من أوائل ما لمسَتْه يدُ الإنسان لتصنع منه ما يُعينه على حياته، فاختلط العنصران في كفّيه ليولدا الطين، ومنه خرجت الأواني الأولى التي عرفتها البشرية. ومنذ تلك اللحظة البعيدة في فجر التاريخ، أصبح صنع الفخّار أحد أقدم المهن الإنسانية وأبقاها، إذ ظلّ يحتفظ بجوهره البدائي رغم ما شهدته العصور من تقدّمٍ وصناعة.

وفي بلاد إيران، حيث امتزجت الحضارة بالفنّ، اشتهرت مدنٌ كثيرة بصناعة الفخار، لكلٍّ منها أسلوبه الخاص في التشكيل والزخرفة. غير أنّ فخار الطين الأبيض ظلّ امتيازاً خاصاً بمحافظة أذربيجان الشرقية، التي أُدرج هذا الفنّ فيها عام 2011م (1389هـ.ش) في سجلّ التراث الثقافي غير المادي لإيران، تقديراً لأصالته وتميّزه.


لمحات من تاريخ الفخار في إيران

الفخار هو مجموعة الأواني المصنوعة من طينٍ نقيٍّ يُحرق في أفرانٍ تصل حرارتها إلى ما بين 600 و1600 درجة مئوية، حتى يكتسب الصلابة والدوام.
ويُعدّ هذا الفنّ من أقدم اختراعات الإنسان، إذ عُثر في أنحاء مختلفة من العالم على قطعٍ فخاريةٍ يعود تاريخها إلى أكثر من خمسةٍ وعشرين ألف عام قبل الميلاد، ما يدلّ على عمق الصلة بين الفخار والتاريخ الإنساني ذاته.

ويجمع الباحثون على أنّ إيران من أعرق مواطن صناعة الفخار في الشرق القديم، وقد ازدهرت هذه الحرفة في شتّى أقاليمها، فلكلّ منطقةٍ طابعها الخاص ومذاقها الجمالي.
ومن بين المدن المشهورة بهذه الصناعة نذكر: ميبُد في يزد، كلپورگان في سيستان وبلوشستان، لالجين في همدان، مند في گناباد، شاهوار في ميناب، زنوز في تبريز، قم بخُرمُهره، مازندران، گاماج في گيلان، سمنان، ساوه، المركزي، وشهرضا في أصفهان.
هذا الانتشار الواسع إنما يدلّ على مدى محبّة الإيرانيين للفنّ الترابيّ الذي يجمع بين البساطة والخلود.

أما استخدام الطلاء الزجاجي (اللَّعاب) لتنعيم أسطح الأواني ومنحها لمعاناً براقاً، فكان من أهمّ التطوّرات الفنية في تاريخ الفخار، إذ فتح الباب أمام زخارف جديدة وصيغٍ جماليةٍ متنوّعة أطلقت يد الفنان في الإبداع.


زنوز… مهد الطين الأبيض

في محافظة أذربيجان الشرقية، اشتهرت بلدتا زنوز في قضاء مرند وكوزه‌كنان في قضاء شبستر بمصانع الفخار منذ قرنين على الأقلّ.
وكانت كوزه‌كنان تعتمد الطين الأحمر الشائع في معظم أنحاء إيران، أمّا زنوز فقد امتازت بطينٍ أبيض اللون نادرٍ يُستخرج من سفوح جبل آق‌داغ، ويحتوي على نسبٍ من الكاؤولين الذي يمنح الأواني نعومةً ونقاءً خاصّين.

وقد عُرفت صناعة الفخار من هذا الطين الأبيض في زنوز منذ القدم، غير أنّها بلغت شهرةً واسعةً قبل نحو سبعة عقود، عندما انتقل الأخوان عبّاس وأحمد قابچي من زنوز إلى تبريز، وأقاما ورشةً في حيّ دَرب سرخاب، فانتشر صيت هذا الفنّ حتى صار من رموز الحرف التبريزية.


خصائص الفخار بخامة الطين الأبيض

ما تزال جميع مراحل العمل تُؤدّى بطريقةٍ يدويةٍ تقليدية، من العجن والتشكيل إلى الحرق والتزجيج.
وتشمل المنتجات: الصحون، الكؤوس، الفناجين، أباريق الماء، القِلالي، وأواني الشاي والسكر.
ويُغطّى السطح عادةً بطبقةٍ من الطلاء الشفّاف اللاّون (الترانسپارانت) أو الطلاء الفيروزي الشفّاف، والأخير محبوبٌ بوجهٍ خاص، حتى إنّ له عشّاقاً خارج حدود إيران.

ويستعين الفنّانون في الزخرفة بطرائق متنوّعة مثل النقش اليدوي، النحت البارز، الحفر، والتهذيب المشبّك، فتتحوّل القطعة من وعاءٍ للاستعمال إلى عملٍ فنيٍّ قائمٍ بذاته.

ورغم أنّ الفخار تراجع في منتصف القرن العشرين أمام رواج الأواني المعدنية والخزفية المستوردة، فإنّه عاد في العقود الأخيرة إلى واجهة الاهتمام الفنيّ، ولا سيّما بعد انتشار فنّ الرسم على الفخار الذي أضفى عليه قيمةً جماليةً واقتصاديةً جديدة، فأصبح رمزاً للعودة إلى الجذور وإحياء الحرف الأصيلة.

الإسم الفخار بالطين الأبيض: فنّ مميز في أذربيجان الشرقية
الدولة إیران
المدن
أدخل النص الخاص بک واضغط على Enter

تغییر حجم الخط:

تغییر المسافة بین الکلمات:

تغییر ارتفاع الخط:

تغییر نوع الماوس: