فنّ النسيج الملوكي — حِرفةٌ عريقة بنقوشٍ شاهانيّة

الترمه اليدويّة في يَزد

تُعَدّ الصناعات اليدوية لكل منطقة أو جغرافيا رمزًا للثقافة والفن المحلي. وفي يَزد، إحدى المناطق الصحراوية في إيران ذات المناخ الحار والجاف، يحتل فن الترمه مكانة بارزة، إذ يشتهر هذا النسيج اليدوي بجماله ودقة تصاميمه، إلى درجة أنّ معظم السياح الذين يزورون يَزد لا يغادرون المدينة دون اقتناء قطعة من ترمه يَزد.

تاريخ الترمه

الترمه نوع من الأقمشة الفاخرة التي يعود تاريخها إلى بداية العصر الصفوي (القرن السادس عشر الميلادي). ويُعتقد أنّ الزرادشتيين هم المؤسسون الأوائل لفن الترمه، وكان أول استخدام لهذا القماش في الملابس الدينية الخاصة بالزرادشتيين.

يُعدّ عهد شاه عباس الصفوي (1587 – 1629م) أبرز مراحل ازدهار الترمه، حيث كان للسوق الرائجة آنذاك أهمية كبيرة. وقد أشير إلى أن غیاث‌الدین نقشبند الیزدی، أحد أساتذة الترمه، كان يُدرّس نحو 600 طالب في هذا الفن.

خصائص الترمه

أهم ما يميّز الترمه عن غيره من الأقمشة هو تنوع نقوشه ورقته الفائقة.
ويُنسَج الترمه من خيوط من الكرك أو الصوف أو الحرير، وتأتي الألوان الأساسية فيه العنابي، البني، الأزرق، والأخضر. وتُطرّز عليه نقوش متنوعة مثل: البته جقه، زهرة شاه عباسية، قرون الغزلان، النقش الأميري، الخطوط المخططة، البته السروية، والبته اللوزية. وتُعدّ هذه النقوش من الأشكال التقليدية الإيرانية، وقد استُخدمت عبر العصور في العمارة الإيرانية.

ويُعتبر البته جقه من أكثر النقوش شهرة، حيث يُصوّر شجرة سرو منحنية، ترمز عند الزرادشتيين إلى التواضع أمام الإله (أهورامزدا)، وهي أحد رموز التصميم الإيراني التقليدي.

أنواع الترمه

يُنتج الترمه بأشكال وأنواع متعددة تختلف في طريقة النسيج والزخرفة:

• الترمه الكشميري: يُعدّ من أجود أنواع الترمه، وتُستخدم فيه نقوش البته جقه، قرون الغزلان، والشجر. وأفضل أنواعه يُعرف باسم الترمه الزمردية، ذات الخلفية النيليّة والنقوش الخضراء الزمردية. وهناك أيضًا الترمه الأميرية كنوع فاخر آخر.

• الترمه الشال المخطط: يُنتج بنوعيه الضيق والعريض.

• الترمه الأتابكي: مصنوع من صوف ناعم يشبه الترمه الكشميري.

• الترمه الشاهقدي: يُستخدم غالبًا في الحقائب والأوشحة، ويأتي بنوعين: ترنجي وزهري.

• الترمه الشال بندي: يشبه خلايا النحل، ويُوضع في كل خانة زهرة أو بته.

• ترمه الشال الكرماني: مصطلح عام للترمه المنسوج في كرمان.

• الترمه اليزدي: يتميز بالنقوش المخططة، وزهور شاه عباسية كعنصر زخرفي أساسي.

تقييم الترمه

يتم تقييم الترمه بناءً على عدد الألوان المستخدمة وكثافة النسيج، فكلما زادت الألوان ودقة النسج، ارتفعت قيمته. كما أن الترمه عالي الكثافة يتحمّل الغسل وأشعة الشمس أكثر ويعيش لفترة أطول.
ونظرًا لاستخدام الترمه يُراق وأستار، يجب أن يكون نسجه بحرفية ودقة قصوى.

طريقة النسج

مع انتشار الآلات الصناعية الحديثة، أصبح نسج الترمه يدويًا قيد الانقراض. ومع ذلك، في الماضي كان يُنسج الترمه عادةً في مجموعات ثنائية.
تبدأ العملية بغسل الصوف وإزالة الدهون، ثم تبييضه باستخدام مشتقات الكبريت، أو تعريضه للندى على المروج لتفتيح اللون تدريجيًا.
بعد التبييض، تُصبغ الخيوط باستخدام ألوان طبيعية ونباتية، وهي عملية دقيقة جدًا.
ثم يُستخدم نول الترمه اليدوي، المصنوع بالكامل من الخشب، للنسج. وحتى عدة عقود مضت، كان هناك في يَزد أكثر من 500 نول للترمه.

استخدامات الترمه

في الماضي، كان عملاء الترمه الرئيسيون الديوان الملكي والنخبة، لذا استُخدم غالبًا في خياطة الملابس الفاخرة للأشراف.
أما اليوم، فتُستعمل أقمشة الترمه أيضًا في صناعة الأدوات الزخرفية، الستائر، الأثاث، الحقائب، والأحذية.
كما كانت تُزيَّن الترمه في الماضي بـ التطريز بالسيرمة والمليلة، مما يضفي على القطع جمالًا مضاعفًا ويزيد من رونقها.