جسر سرجشمه مردق: جسر متين يعود إلى خمسة قرون مضت

تشتهر محافظة أذربيجان الشرقية بمناخها وجاذبياتها الطبيعية الكثيرة. تجري في هذه المحافظة العديد من الأنهار الموسمية والدائمة، وكل منها أوجد مناظر خلابة على ضفافه. وقد أدّى استقرار السكان بجانب هذه الأنهار إلى بناء منشآت عليها كانت في يوم من الأيام وسيلة لربط القرى والمدن. ومع ذلك، لم تعد هذه الجسور تؤدي دورها الفعّال اليوم لتلبية متطلبات النقل الكثيف للحياة الحديثة.

يعتبر جسر سرچشمه مردق أحد الجسور المتينة في محافظة أذربيجان الشرقية، حيث احتفظ على مرّ السنين بجماله وصلابته.

أين يقع جسر سرچشمه مردق؟

يقع هذا الجسر بالقرب من قرية مردق، في قضاء مراغة، على نهر موسمي يعرف باسم "مردق". تعدّ مراغة من المدن ذات الأهمية الخاصة في التاريخ الإيراني سياسيًا وعلميًا. تزخر هذه المدينة بالعديد من الآثار التاريخية، ومعظمها يعود إلى عهد الإيلخانيين، حينما كانت مراغة عاصمة إيران. خلال ذلك الوقت، شيّدت مراكز علمية بارزة مثل مرصد مراغة، مما أكسبها شهرة واسعة بين العلماء والدارسين من مختلف البلدان.

لكن معالم مراغة لا تقتصر على آثارها التاريخية فحسب، بل تتمتع أيضًا بالعديد من الجاذبيات الطبيعية. هذه المزايا جعلت من مراغة، التي تحتوي على أكثر من 500 موقع جذب سياحي، واحدة من أهم المدن الإيرانية في هذا المجال. تمتد مساحة قضاء مراغة إلى أكثر من 2200 كيلومتر مربع، ويبلغ عدد سكانه أكثر من 350 ألف نسمة.

تقع قرية مردق على طريق مراغة-هشترود. للوصول إليها، يجب قطع حوالي 10 كيلومترات باتجاه هشترود، ثم التوجه نحو طريق قرية "داش آتان". بعد قرية داش آتان، تقع قرية مردق.

سكان قرية مردق يعملون غالبًا في الزراعة. وتغطى القرية بالبساتين، ويعتبر التفاح المحصول الرئيسي فيها. بساتين القرية عادةً ما تكون بلا أسوار، وخلال فصل الصيف، تكون الأغصان المثقلة بالثمار مشهدًا رائعًا.

في نهاية الطريق المؤدي إلى القرية، توجد منطقة محمية تعتبر ذات قيمة جيولوجية كبيرة، حيث يمكن العثور على العديد من الأحافير. وبعد قرية مردق، تقع قرية تعرف بـ "جكان".

نهر مردق

نهر مردق، المعروف محليًا بـ "مردق جاي" أو "مردي جاي" أو "موردو جاي"، ينبع من مرتفعات سهند، ويمتد مسافة 100 كيلومتر تقريبًا قبل أن يصب في نهر زرینه‌رود، الذي بدوره ينقل مياهه إلى بحيرة أرومية.

يجري في هذا النهر حوالي 107 ملايين متر مكعب من المياه سنويًا، ويعتقد أن مجراه يعود إلى العصر الثالث من العصور الجيولوجية، مما يزيد من أهميته في الدراسات الجيولوجية وأبحاث الأحافير.

خصائص وهندسة جسر سرجشمه مردق

ظلّ بناء جسر سرچشمه مردق وهيكله محتفظًا بسلامته على مرّ القرون، مما يجعله واحدًا من أكثر الجسور التاريخية محافظة على حالتها في محافظة أذربيجان الشرقية. بني هذا الجسر خلال فترة الصفويين (القرن السادس عشر الميلادي)، ولكن في هندسته تظهر تأثيرات من العمارة الإيلخانية (القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلادي).

استخدمت في بناء الجسر المواد المتوفرة في المنطقة، ولهذا السبب يميل لون الجسر إلى الأحمر. أخذت الأحجار المستخدمة في بنائه من منجم سنجان، القريب من الموقع.

يتألف الجسر من ثلاث فتحات، حيث تعدّ الفتحة الوسطى أكبر من الفتحتين الأخريين. وعند النظر إلى الجسر ككل، يتضح أنه يتمتع بتصميم متناسق. وللتحكم في تدفق المياه أثناء فيضان النهر أو هطول الأمطار الغزيرة، تم بناء قوسين صغيرين على جانبي القوس الأوسط. يبلغ طول الجسر 42 مترًا وعرضه 4.5 أمتار، ويبلغ ارتفاعه عن قاع النهر 6.8 أمتار.

في الماضي، كان جسر سرچشمه مردق يستخدم لعبور السكان بين مدن مراغة، ميانه، وهشترود، وكان يلعب دورًا مهمًا في حركة النقل بين القرى. ومع ذلك، تقلّصت حركته بشكل كبير اليوم.

تسجيل جسر سرجشمه مردق كموقع تراثي وطني

تم تسجيل هذا الجسر في عام 2003 ميلادي (1381 هجري شمسي) في قائمة التراث الوطني الإيراني.