الطقوس الزورخانية، رمز ثقافة الفتوة في إيران
ظهورُ نشاطٍ رياضيٍّ بوصفه طقسًا وعنصرًا ثقافيًا هو بحدِّ ذاته دلالةٌ على خصوصيّة ثقافةٍ ما ومجتمعٍ ما؛ غير أنّ ما نراه في "الطقوسِ الفهلوانيّة" لا يمكن اعتباره مجرّد أحد الطقوس الاجتماعيّة. فالطقوسُ الفهلوانيّةُ تمثّل نمطَ حياةٍ ومنهجًا اجتماعيًا يمتدّ تاريخُه لأكثرَ من ألف عام، وما يزالُ حيًّا نابضًا إلى يومنا هذا. وإذا أردنا في الثقافات المختلفة تعداد عناصرَ تُشبه الطقوس الفهلوانيّة، فلا بدّ من الإشارة إلى الثقافة السامورائيّة في اليابان، أو ثقافة الفروسيّة في أوروبا، أو حركة الفتيان في بعض البلدان الإسلامية؛ غير أنّ كلَّ هذه التيارات تختلف جوهريًا عن الطقوس الفهلوانيّة في إيران، ولا تبلغ شموليتها.
الوظائف الثقافيّة للطقوس الفهلوانيّة
إنّ الطقس الفهلواني المتجذّر في الزورخانات كان بمثابة أسلوب حياةٍ للإيرانيين. ففي الأزمنة التي لم تكن فيها المدارس منتشرة كما هي اليوم، ولم تكن نظم التعليم الحديثة متوافرة كما في المجتمعات المعاصرة، كانت الزورخانة – إلى جانب الحوزات الدينية والمساجد والمكاتب التقليدية – مصدرًا لتلقّي العلوم والمعارف الأخلاقية.
كان الذين يُعرفون بـ"الكبار" في الزورخانة، أي مَن يمتلكون سنًّا وخبرةً أطول، يُعدّون قدوةً للشباب، وكان سلوكهم ومنهجهم معيارًا ومرجعًا للآخرين. وغالبًا ما كان روّاد الزورخانات يرون أنّ مساعدة المحتاجين وإغاثة الضعفاء هي الغاية الأسمى في حياتهم، فيتوجّهون نحو خدمة المجتمع بصورةٍ تطوعية وعامّة.
وفي الحقيقة، فإنّ الذين يرتادون الزورخانة لم يكونوا يُنمّون قوّتهم البدنية من خلال التمارين الرياضية فحسب، بل كانوا يتّخذون منهجًا أخلاقيًا واجتماعيًا خاصًّا، مما جعلهم محلَّ ثقة المجتمع واحترامه.

در مراسم گلریزان چند نفر از بزرگترها که دارای جایگاه اجتماعی هستند برای جمعآوری کمکهای مردم پیشقدم میشوند
على الرغم من أنّ الزورخانة تُعدُّ مكانًا رياضيًا، فإنّ وظيفتها لا تقتصر على ممارسة الرياضة. فالزورخانة تعدّ منطلقًا للأعمال الاجتماعية والخيرية. ومن أقدم التقاليد المتجذّرة فيها تقليد "الگلريزان"، حيث يقوم الوجهاء والفهلوانيون بجمع التبرعات من الناس لصالح المحتاجين. وتُقدَّم هذه المساعدات طوعًا وبمحض رغبة الأفراد، وبسبب المكانة الأخلاقية التي يتمتع بها الفهلوانيون في المجتمع، من دون أيّ شكل من أشكال الإكراه أو الإلزام؛ وهو ما يُظهر الفارق الجوهري بين الطقوس الفهلوانية في إيران والعديد من الخرده-الثقافات الأخرى في المجتمعات المختلفة.
ومن التقاليد المهمة الأخرى في الزورخانة "السفرةداری" أو "مأدبة الزورخانة"، حيث يُطهى الطعام في مناسبات خاصة، ويُدعى الجميع لتناوله. وفي هذا التقليد يجلس الفقير والغني على مائدة واحدة ويتشاركون الطعام، في محاولة لتعزيز التقارب بين الطبقات الاجتماعية وكسر الحدود الرمزية التي تفرضها البُنى الطبقية في المجتمعات.

سفرهداری و اطعام مردم از آیینهای زورخانهای است
تصاحب الطقوس الزورخانية ملاحق ثقافية متعددة، ويأتي في مقدّمتها "الموسيقى الزورخانية". فهذه الموسيقى الخاصة، التي تمتاز بالأشعار الحماسية والإيقاعات ذات الطابع القتالي، تُعدّ توأمًا لرياضة الزورخانة. وخلال أداء التمارين، يقوم "المرشد" بالضرب على الـ"ضَرب" وتلاوة الأبيات الشعرية، فينظّم الإيقاع ويوحّد حركة الرياضيين. ويُعتبر مدح الإمام علي، الإمام الأول عند الشيعة والمشهور بلقب "سيّد الفتيان"، جزءًا أصيلًا لا ينفصل عن الطقوس الزورخانية وإنشاد المرشد.
وفي وسط ساحة الزورخانة، حيث يقف الرياضيون حولها لأداء الحركات، يتولّى شخص غالبًا يكون أكبر سنًا أو أعلى مقامًا مهمة الإشراف على التمارين بتناغم مع المرشد، فيوجّه الرياضيين ويحافظ على انتظام الحركات. وتتميّز الرياضة الزورخانية بتنوّع واسع في الحركات التي تؤدّى داخل الساحة.

حرکات ورزشی که در زورخانه اجرا میشود با فنون جنگاوری ارتباط دارد
الجذور التاريخية للطقوس الفتوتية والزورخانية
يُنسب الباحثون نشأة الطقوس الفتوتية في إيران إلى ما قبل دخول الإسلام إلى البلاد، حيث كانت الزورخانة منذ ذلك الحين مركزًا لتعليم وممارسة هذه الطقوس. وكان الذين يرتادون الزورخانة يُلزمون بالدفاع عن مجتمعهم في وجه الغزوات والأخطار، ولهذا تعود أصول معظم الحركات في الرياضة الزورخانية إلى أساليب القتال التقليدي والمبارزات القديمة.
ومنذ ظهور هذه الطقوس، ارتبط ارتياد الزورخانة بأوقات الفراغ، إذ كان الأفراد يتوجّهون إليها في ساعات محدّدة لا تتعارض مع أعمالهم اليومية. فقد كان البعض يمارس التدريب صباحًا قبل بدء العمل، فيما يفضّل آخرون الذهاب إليها ليلًا بعد انتهاء مهامهم اليومية، بهدف تجديد اللقاء وتعزيز لياقتهم البدنية ضمن إطار اجتماعي وأخلاقي خاص.

در زورخانه ورزشکاران از تمام سنین حضور دارند، ولی جایگاه کهنسالان و پیشکسوتان والاتر است
التسجيل العالمي لطقوس الفتوة والرياضات الزورخانية في إيران
يُعدّ يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2010 (25 آبان 1389) تاريخًا مفصليًا في صون التراث الثقافي الإيراني، إذ شهد تسجيل طقوس الفتوة والرياضات الزورخانية في قائمة التراث الثقافي غير المادي لدى اليونسكو. ولغاية تسجيل هذا التراث، لم يكن هناك أي عنصر غير مادي مرتبط بالمجال الرياضي قد أُدرج سابقًا في القائمة العالمية، ما يجعل هذا التسجيل سابقة مميّزة ويبرز فرادة هذه الطقوس التي تجمع بين الرياضة، والأخلاق، والتقاليد الاجتماعية العريقة.
| الإسم | الطقوس الزورخانية، رمز ثقافة الفتوة في إيران |
| الدولة | إیران |
| نوع | وطنی |
| تسجیل | الیونسکو |



_1.jpg)










_1.jpg)







Choose blindless
العمى الأحمر العمی الأخضر العمی الأبیض اللون الأحمر من الصعب رؤیته اللون الأخضر من الصعب رؤیته اللون الأزرق من الصعب رؤیته أحادی اللون أحادی اللون خاصتغییر حجم الخط:
تغییر المسافة بین الکلمات:
تغییر ارتفاع الخط:
تغییر نوع الماوس: