تلّ ملیان، من بقايا الحضارة الإيرانية ذات الستة آلاف عام

 عاش العيلاميون في جزء كبير من جنوب غرب الهضبة الإيرانية قديماً، وقد بلغت الحضارة العيلامية أوج عظمتها في أواخر الألفية الثالثة قبل الميلاد، ولكن مع ظهور الدولة الأخمينية (550 ق.م) تقلصت قوة العيلاميين إلى منطقة شوش فقط. رغم توفر معلومات حول الحضارة العيلامية، فإن الآثار المتبقية من الفترات السابقة لها قليلة، ومع ذلك فقد وفرت الاكتشافات الأثرية في بعض المواقع مثل تل مليان معلومات قيمة عن جذور الحضارات الإيرانية القديمة.

أين يقع تل مليان؟

تل مليان هو موقع أثري واسع تبلغ مساحته أكثر من 200 هكتار، ويقع في قضاء بيضاء، على بعد 46 كيلومتراً شمال شيراز و46 كيلومتراً غرب تخت جمشيد. يبلغ ارتفاعه عن سطح البحر 1611 متراً.

تاريخ تل مليان الأثري

بدأ التعرف على تل مليان كموقع أثري منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. وقد أشارت إحدى الكتب المنشورة عام 1896 إلى وجود أنقاض في هذا الموقع. وفي عقد السبعينات من القرن العشرين، بين عامي 1971 و1976، أجريت حفريات أثرية في تل مليان بإشراف عالم الآثار ويليام سامنر، وبمشاركة باحثين من جامعات بنسلفانيا وميشيغان وأوهايو. اعتقد سامنر أن تحت الطبقات الساسانية والإسلامية توجد أدلة تعود إلى الحقبة الأخمينية.

إلى أي حقبة تاريخية ينتمي تل مليان؟

إنشان، أو أنزان أو مليان، هو إقليم مهم ينتمي إلى الحضارة العيلامية، ويقع ضمن حدود محافظة فارس الحالية. وقد ذكرت النصوص الأكدية والسومرية إنشان كأرض خصبة، وقد استقر فيها الأخمينيون في الألفية الأولى قبل الميلاد. وعندما دخل كورش الكبير بابل عام 539 ق.م، قدّم نفسه كـ"ملك إنشان" و"حفيد تشيش پش". وتظهر الاكتشافات الحديثة أن بداية حكم تشيش پش كانت حوالي عام 635 ق.م، بينما في الفترة السابقة بين 648 و635 ق.م، كان العيلاميون يخوضون حروباً مع الآشوريين، وكانت المنطقة تحت حكم مجموعة أطلق عليها علماء الآثار اسم "الإنشانيين".

الاكتشافات الأثرية في تل مليان

كانت أولى الحفريات الأثرية في تل مليان تهدف للبحث عن مدينة مفقودة، وقد ازدادت أهمية الموقع مع اكتشاف لوح مسماري باللغة العيلامية يعود لنهاية الألفية الثانية قبل الميلاد، وقد دوّنه أحد ملوك عيلام.

 أهم الآثار المكتشفة حتى الآن من حضارة بانش الوسطى (3250-3000 ق.م) تعود إلى تل مليان، حيث تم العثور على جدران لمدينة قديمة تعود إلى بانش المتأخرة (3000-2700 ق.م) ويعتقد أن مساحتها كانت 200 هكتار. بنيت هذه المدينة بالطوب الطيني وكانت معاصرة لحضارة شوش. وقد بنيت الجدران الخارجية بقاعدة حجرية لتعزيز صلابتها، حيث بلغ سمكها حوالي خمسة أمتار وطولها خمسة كيلومترات، وقد صممت لتحمي المدينة من الهجمات الخارجية، مما يشير إلى تهديدات عسكرية من جيوش قادرة على اختراق الجدران العادية.

كما تم اكتشاف عدة ألواح طينية عيلامية تعود للقرون 1300 إلى 1000 ق.م، معظمها محفوظ في جامعة بنسلفانيا، بالإضافة إلى بعض القطع الفخارية الأخمينية المحفوظة في متحف إيران الوطني. كشفت التنقيبات في تل مليان إطارًا واضحًا للعمليات المتعلقة بتشكّل الموقع، ومراحله السكنية، واللقى المكتوبة من العصر العيلامي، والمعالم التذكارية، والمباني الكبيرة، والنسيج الحضري.

تسجيل تل مليان ضمن قائمة التراث الوطني

بسبب أهميته التاريخية، تم تسجيل تل مليان ضمن قائمة الآثار الوطنية الإيرانية عام 1975 م.