غار أشکفت یزدان، مكان حفظ النار المقدسة للزرادشتيين في قلب جبل عظيم

يبعد غار أشكفت یزدان 70 كيلومترًا عن مدينة أردكان و45 كيلومترًا عن مدينة عقدا. ويعد هذا الغار، إلى جانب كونه من المعالم الطبيعية، مكانًا مقدسًا بالنسبة للزرادشتيين في إيران، حيث كان في الماضي ملاذًا لحفظ النار المقدسة.

أهمية غار أشكفت یزدان في رؤية الزرادشتيين

قبل دخول الإسلام إلى إيران، كان العديد من الناس يعتنقون ديانة الزرادشت. وتعتبر هذه الديانة من أقدم الديانات في العالم، وتعتقد أن العالم هو ساحة معركة بين الخير والشر، وأن الخير في النهاية سيفوز على الشر. يجتمع أتباع الزرادشت في معابد النار ليتعبدوا ويحتفلوا بإلههم أهورامزدا.

يملك الزرادشتيون نارًا مقدسة لا يسمحون لها بالانطفاء أبدًا. حاليًا، يتم الحفاظ على هذه النار المقدسة في معبد ورهرام في يزد. لقد بقيت هذه النار مشتعلة منذ 2500 عام وحتى الآن، وهي محمية بعناية.

في القرن السابع الميلادي، وفي فترة دخول الإسلام إلى إيران، قام الزرادشتيون بنقل هذه النار إلى غار أشكفت یزدان. كانت هذه النار في ذلك الوقت موجودة في معبد ناهيد في مدينة يزد، ثم انتقلت إلى منطقة ترك آباد في أردكان، ومن ثم إلى غار أشكفت یزدان. وقد تم اختيار هذا الغار بسبب مساره الوعر والصعب، مما جعله مكانًا آمنًا لحماية النار المقدسة من أي تهديدات. ظل غار أشكفت یزدان موطنًا للنار المقدسة حتى عام 1946م، حيث تم نقلها إلى معبد ورهرام. خلال تلك الفترة، كان الزرادشتيون من مختلف أنحاء إيران وحتى من الهند يزورون غار أشكفت یزدان للتبارك بالنار المقدسة، حيث كانوا يبيتون في الغار أحيانًا. هذه الاستضافة من الغار للنار المقدسة أكسبته قداسة كبيرة في نظر الزرادشتيين. وتستند تسمية هذا الغار إلى مكانته المهمة في معتقدات الزرادشتيين.

البنية الداخلية لغار أشكفت یزدان

يختلف قطر الغار من مدخله حتى نهايته. عند مدخل الغار، يصل قطره إلى 60 مترًا، ومن ثم يبدأ بالانخفاض تدريجيًا حتى يصل إلى 45 مترًا عند نهايته. ينسب تشكل هذا الغار إلى بداية العصر الرباعي (قبل حوالي مليونين ونصف المليون سنة). يمكن رؤية ثلاثة ستالاجمايتات في منتصف الغار، وهي أعمدة من المعادن التي نشأت من الأرض بسبب تساقط المعادن من السقف. يصل ارتفاع أحد هذه الستالاجمايتات إلى 3.80 متر، بينما يبلغ ارتفاع الآخرين 1.2 متر و0.4 متر.

تشير الآثار الموجودة في الغار إلى أنه كان يستخدم سابقًا كمكان سكني وقصر. في الواقع، تعود هذه الآثار إلى استخدام الزرادشتيين للغار كمعبد نار. الفضاء الداخلي للغار واسع جدًا ويستطيع استيعاب ما يصل إلى ألف شخص. لهذا السبب، كان يعتبر مكانًا مناسبًا لأداء الطقوس الزرادشتية. وبسبب الاعتقاد الزرادشتي بأن النار المقدسة يجب ألا تنطفئ أبدًا، تم بناء هياكل في الغار لضمان تدفق الهواء بشكل لا يؤدي إلى إطفاء النار. كما أن الرماد الموجود في أرضية الغار هو نتيجة لإبقاء النار مشتعلة طوال هذه القرون. حول الغار، توجد نباتات مثل الغنب، الدرمنة، وأشجار اللوز البري.

طرق الوصول إلى غار أشكفت یزدان

يقع غار أشكفت یزدان بالقرب من قرية تسمى "هفتهر"، ويمكن الوصول إليها من عقدا أو من ندوشن. الطريق الأقصر للوصول إلى الغار هو من مدينة ندوشن. يجب السير من هذه المدينة باتجاه هفتهر، وبعد اجتياز 3 كيلومترات من القرية، يجب التوجه إلى طريق فرعي على اليمين. يتم متابعة الطريق لمدة 8 كيلومترات بشكل مباشر دون أن تنحرف عن المسار. الطريق ترابي، لكنه ليس صعبًا جدًا.

عند الوصول إلى حظيرة ريفية، يجب أن تكمل المسار سيرًا على الأقدام. بالقرب من الحظيرة يوجد خزان ماء يمكن التعرف عليه. بعد هذا المكان، يمكن الوصول إلى غار أشكفت یزدان بعد حوالي ساعتين من المشي.

نظرًا للطبيعة الجبلية للمنطقة، يفضل زيارة الغار في فصلي الخريف والشتاء لتجنب الحرارة الشديدة، أو إذا كنت ترغب في زيارته في الأيام الحارة، فمن الأفضل أن تقوم بالمشي في ساعات الصباح الأولى.

التسجيل الوطني لغار أشكفت یزدان

بسبب جماله الفريد وتاريخه المدهش، تم تسجيل غار أشكفت یزدان في قائمة الآثار الوطنية الإيرانية في عام 2019 ميلادي (1398 هجريًا شمسيًا).