مدينة باسارجاد: مدينة تاريخية على طرق التواصل القديمة

تعد مقاطعة باسارجاد، إحدى المقاطعات التابعة لمحافظة فارس، منطقة غنية بالتاريخ والآثار المدهشة. كما يشير اسم المنطقة، فإن الموقع الأثري لباسارجاد يقع ضمن حدودها، إلا أن هناك العديد من المعالم التاريخية غير المعروفة في هذه المقاطعة التي لم يجر عليها أي حفريات حتى الآن.

السكان والجغرافيا لمقاطعة باسارجاد

تقع المقاطعة بين فرعين من جبال زاغروس، وتعتبر منطقة باردة في محافظة فارس، حيث يرتفع سطحها نحو 1700 متر عن سطح البحر. يبلغ متوسط هطول الأمطار في المنطقة حوالي 400 ملم سنويًا، حيث تسقط الثلوج في المرتفعات والمطر في السهول. رغم طبيعة المنطقة الجبلية، إلا أن نهر بلْور (بلاغي) هو النهر الدائم الوحيد في المقاطعة، حيث ينضم إلى نهر كر في مرودشت ويصب في بحيرة بختكان.

موقع المقاطعة الجغرافي يتيح فرصًا كبيرة للزراعة، حيث يشغل معظم السكان في الأنشطة الزراعية. كما تشتهر المنطقة بإنتاج العنب عالي الجودة. يبلغ عدد سكان المقاطعة حوالي 35 ألف نسمة، وتعد مدينة سعادت‌شهر مركزًا إداريًا لها. يشكل الباصريين الجزء الأكبر من سكان المقاطعة، وهم إحدى القبائل الأصيلة ذات الأصول الفارسية، ويتميزون بعادات وتقاليد خاصة.

التاريخ القديم لمقاطعة باسارجاد

تعتبر مقاطعة باسارجاد من المقاطعات الحديثة في تقسيمات إيران الإدارية، حيث تم تأسيسها في عام 2005 ميلاديًا. ومع ذلك، يعود تاريخ هذه المنطقة إلى ما قبل الميلاد. ففي الألواح الطينية التي اكتشفت في تخت جمشيد، ذكرت هذه المنطقة باسم كمينوش. ومن ثم، استخدم اسم كمة في رحلة ابن بلخي التي كتبت قبل نحو ألف عام، ليسمى لاحقًا كمين. وعلى الرغم من أن الاسم الرسمي لمركز المقاطعة اليوم هو سعادت‌آباد، إلا أن الاسم القديم لا يزال يستخدم.

أظهرت الحفريات في منطقة تنغ بلاغی واكتشاف قصر ملكي وجود آثار غنية من فترة هخامنشيّة (550-330 قبل الميلاد)، ومن أبرز هذه الآثار مجمع باسارجاد. ونظرًا لأن سعادت‌شهر كان نقطة وصل بين باسارجاد ومدينة بارس، فقد أطلق عليها مفتاح فتح أبواب فارس. كما أن وجود عدة تلال أثرية لم تستكشف بعد يجعل هذه المنطقة إحدى أبرز الوجهات الأثرية ذات الإمكانيات الهائلة للتنقيب.

كاروانسراي قوام‌آباد: شاهد على أهمية المنطقة

يعد كاروانسراي قوام‌آباد من أهم المعالم التي تشهد على أهمية المنطقة باعتبارها نقطة عبور رئيسية للقوافل. كان هذا الكاروانسراي مستخدمًا حتى العصور الحديثة كمحطة استراحة للمسافرين، ويقع على بعد 20 كيلومترًا إلى الجنوب من سعادت‌شهر. يعود تاريخ بناء هذا الكاروانسراي إلى فترة الصفويين (1501-1736م)، حيث كان يعرف باسم كاروانسراي شاه‌عباسي سيوند. وجدت سيوند في الماضي مدينة مزدهرة، إلا أنها دمرت بعد غزو محمود الأفغاني لإيران وسقوط الدولة الصفوية في عام 1736.

في القرن التاسع عشر، استخدم هذا الكاروانسراي لإقامة الفلاحين. يمتد الكاروانسراي على مساحة 4038 مترًا مربعًا، وهو مبني بأسلوب الرباعية الإيوان، ويستخدم في بنائه الحجر والطوب والجص. يتميز الكاروانسراي ببوابته الكبيرة التي يبلغ ارتفاعها 4 أمتار، ما يمنحه طابعًا مهيبًا. يحتوي على ساحتين وثلاث قاعات مزينة.

تم تسجيل كاروانسراي قوام‌آباد في قائمة التراث الثقافي الإيراني عام 2001 ميلاديًا كأثر وطني، مما يعزز قيمته التاريخية والثقافية.