مسجد جامع داراب، أوّل مسجد ذو أربعة مآذن في العالم

بعد دخول الإسلام إلى إيران واعتناق الإيرانيين للإسلام، تم تحويل العديد من المعابد التي كانت تستخدم لأداء الطقوس الزرادشتية إلى مساجد. ويقال إن مسجد جامع داراب كان قبل أن يُعرف كمسجد معبداً نارياً. بناءً على ذلك، يُحتمل أن يعود تاريخ هذا المعبد إلى فترة الساسانيين (القرن الثالث الميلادي).

مميزات مسجد جامع داراب

وفقاً لأهل المنطقة، يعتبر مسجد جامع داراب المسجد الوحيد في العالم ذو أربعة مآذن. بالإضافة إلى المآذن، يتميز أسلوبه المعماري بخصائص لافتة. أحد المباني التي تشبه إلى حد كبير هذا المسجد هو ضريح اعتماد الدولة التهراني، والد نور جهان، ملكة إيران في الهند. كانت نور جهان امرأة إيرانية ولدت في عام 1577م، وبعد أن تزوجها جهانكير، ملك الهند، اكتسبت قوة ونفوذًا خاصًا. يشار إليها كأقوى ملكة في تاريخ الهند. توفيت نور جهان في 17 ديسمبر 1645م ودفنت في ضريح كانت قد أنشأته في مدينة لاهور. تعكس تشابهات هذين المبنيين الروابط الثقافية بين البلدين في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين.

تاريخ مسجد جامع داراب

رغم وجود اختلافات حول تاريخ بناء مسجد جامع داراب، يرى معظم المؤرخين أن بناءه يعود إلى ما قبل فترة الصفويين، وفي زمن الإيلخانيين (1256 إلى 1356م). ومع ذلك، يعتقد البعض أن هذا المسجد تم بناؤه مع تشكيل مدينة داراب (قبل الميلاد). في المقابل، يرى آخرون أنه يعود إلى فترة الصفويين وعهد حكم شاه طهماسب (1524 إلى 1576م)، ويعتقدون أن معماره مستوحى من المباني السابقة للصفويين. إلا أن الرأي الأكثر ترجيحًا هو أن المسجد تم تأسيسه في فترة الإيلخانيين وأعيد تجديده في زمن شاه طهماسب.

عمارة مسجد جامع داراب

تبلغ المساحة الكلية للمسجد 380 مترًا مربعًا. تم بناؤه بشكل مستطيل مع أربعة مآذن في الزوايا الأربع. في فناء المسجد الكبير، توجد أشجار نخيل وبرتقال وليمون. كما توجد حجرتان للطحن في زاويتين من الفناء كانت تستخدم سابقًا لطحن الساروج. تعتبر القاعة المركزية للمسجد أكبر مساحة فيه. في شمال وجنوب القاعة، توجد إيوانات كبيرة، وفي الشرق والغرب منها توجد إيوانات أصغر. سقوف الإيوانات قبابية ومتقوسة وأقصر من القاعة، وتتصل بالفناء من خلال تسعة دهاليز كبيرة وصغيرة. يوجد ست نوافذ هلالية صغيرة ونوافذ كبيرة لإيصال الضوء إلى القاعة. لا توجد زخارف في الممرات والقاعة، ولكن في المحراب يوجد زخرفة بالجبس والمقرنص. أمام الإيوان الجنوبي الغربي، تم إنشاء منبر من الجبس والطوب، وكان هناك مسبح كبير خلف هذا الإيوان في السابق، لكن لا يوجد أثر له الآن. كما تم تدمير خزان المياه الذي كان في الجهة الغربية للمسجد.

مآذن مسجد جامع داراب

تتميز مآذن مسجد داراب الأربعة، على عكس باقي مآذن مساجد إيران، بأنها ليست دائرية الشكل بل تتخذ شكلاً مثمن الأضلاع منتظم. وقد كُتبت على جدران المآذن آيات قرآنية وأسماء الأئمة الشيعة. في الماضي، كانت توجد العديد من النقوش على المآذن، ولكن لم يتبق منها سوى واحدة تم نقلها إلى متحف الحجر التاريخي في هفت تنان في شيراز. تتعلق النقش المتبقي بإعفاء تجار داراب من الضرائب في فترة قاجار (القرن التاسع عشر). تم ترميم المآذن الجنوبية في القرن الماضي، بينما ظلت المآذن الغربية دون تغيير. في أسفل كل مئذنة توجد أبواب خشبية تؤدي إلى درج ملتوي يصل إلى السطح ويستمر حتى قمة المئذنة. كان المؤذنون يصعدون عبر هذه الدرجات لإعلان الأذان وأوقات الصلاة اليومية.

تسجيل مسجد جامع داراب في قائمة التراث الوطني

تم تسجيل مسجد جامع داراب في عام 1978م في قائمة التراث الثقافي الوطني الإيراني.