مدرسة الضیائیة فی یزد، مدرسة عمرها 800 عام ذات تاریخ زاخِر بالتقلبات

یُعدّ حیُّ فهادان أحدَ أقدم الأحیاء فی مدینة یزد، إذ یضمُّ العدیدَ من المعالم التاریخیة العریقة. ویرى بعض المؤرخین أن هذا الحی هو النواة الأولى لنشأة المدینة. وتُعتبر مدرسة الضیائیة، المعروفة أیضًا بـ سجن الإسكندر، إحدى هذه المعالم، حیث قام بتشییدها رجل یُدعى ضیاء الدین حسین رضی. وتتناقل الروایات الشعبیة فی یزد أنه کان من العارفین المشهورین الذین تتلمذ على یدیه عدد کبیر من الطلاب.

تقع هذه المدرسة بالقرب من بعض المعالم التاریخیة الأخرى فی یزد، مثلمرقد الاثنی عشر إمامًا،المسجد الجامع فی یزد،منزل عرب‌زاده، ومتحف النقود وعلم الإنسان لحیدرزاده. ومن بین هذه المواقع، یُعتبر مرقد الاثنی عشر إمامًا الأقدم.

تاریخ مدرسة الضیائیة

یعود بناء المدرسة إلى عهد حکومة آل مظفر والإیلخانیین، حیث تمّ تشییدها عام 1427م (806هـ ش). وبعد وفاة مؤسسها، تولّى نجلاه مجد الدین حسن وشرف الدین استکمال بنائها عام 1499م (878هـ ش). ومنذ البدایة، کانت هذه المدرسة تُستخدم کمؤسسة تعلیمیة، ما یجعلها من أقدم المدارس التقلیدیة فی إیران، حیث صُمّمت هندستها لتلبی متطلبات النظام التعلیمی آنذاک.

أما سبب تسمیتها بـ سجن الإسكندر أو سجن هارون الرشید، فیرجع إلى وجود قبو مظلم فی المبنى لا یُمکن الوصول إلیه إلا عبر درج ضیق، فإذا أُغلِق هذا الدرج، أصبح القبو معزولًا تمامًا، ما یجعله أشبه بالسجن. ویُحتمل أن یکون هذا القبو قد استُخدِم لعقاب الطلاب، ما أدّى إلى ارتباطه بمفهوم السجن.

روایة شعبیة حول مدرسة الضیائیة

تُشیع روایة بین أهالی یزد مفادها أن الإسكندر المقدونی، بعد غزوه لإیران، أقام حصنًا فی منطقةكثه- وهو الاسم القدیم لوسط یزد - لیُستخدم کمعتقل للأسرى وبقایَا الأسرة الحاکمة السابقة. وعُرف هذا الحصن فیما بعد باسمسجن الإسكندر، ثم حُوِّل لاحقًا إلى مدرسة الضیائیة مع بعض التعدیلات. ومع ذلک، لم ترد فی المصادر التاریخیة أی إشارة إلى مرور الإسكندر بالمناطق المحیطة بیزد، مما یجعل هذه الروایة محض أسطورة شعبیة. ومع ذلک، لا یُستبعد أن یکون موقع یزد الاستراتیجی قد جعلها محطة لتجمع الجیوش المقدونیة أو معسکرًا مؤقتًا لهم.

الهندسة المعماریة لمدرسة الضیائیة

تُبنی المدرسة وفق الطراز المعماری الرباعی الأیوان، حیث تتوسطها ساحة رحبة. ویُعتبر طرازها المعماری جزءًا منالأسلوب الآذریالذی انتشر فی العصر الإیلخانی، ویُعرف أیضًا بالأسلوب المغولی الإیرانی.

تتکون المدرسة من قاعة قُبّتیة، برج ریاحی (بادگیر)، ساحة مرکزیة، وساحتین جانبتین، إضافةً إلى عدة غرف صغیرة. ویصل عمق القبو إلى 7 أمتار، فی حین یبلغ ارتفاع القبة المبنیة بالكامل من الطوب الطینی 18 مترًا. ومع مرور أکثر من 800 عام، تعرضت قاعة القبة للعدید من الأضرار.

القبو والبرج الریاحی للمدرسة

یوجد بئر فی وسط الفناء یرتبط بالقبو، ویصل قطره إلى حوالی 4 أمتار، ویُعتقد أنه کانبَیابیُستخدم فی أیام الصيف الحارّة للتبرد. کما کان یصل هذا البئر إلى قناةاله‌آبادالمائیة. غیر أن البعض یعتبره زنزانة تحت الأرض.

مراحل بناء المدرسة

وفق الدراسات التاریخیة، یُرجَّح أن بناء المدرسة تمّ على مرحلتین:

1. فی المرحلة الأولى، تمّ بناء القاعة القُبّتیة القدیمة تزامنًا مع غزو المغول عام 1219م، ویُعتقد أن الغرض منها کان تأسیس ضریح. وعلیه، لم یکن الهدف الأصلی إنشاء مدرسة.
2. فی المرحلة الثانیة، وبعد حوالی 200 عام، قام أحد أحفاد بانی القُبّة بتأسیس المدرسة فی ذلک الموقع.

أعمال الترمیم فی مدرسة الضیائیة

نظرًا لاعتماد البناء بشکل کامل على الطین واللبن، فقد تعرضت المدرسة عبر السنین لأضرار عدیدة. وخلال أواخر ثمانینیات القرن العشرین، خضعت قاعة القبة وإیوان المدرسة لعملیات ترمیم شاملة. وساهمت هذه الإصلاحات، إلى جانب الصیانة الدوریة، فی الحفاظ على المدرسة من الاندثار.

ومن بین أبرز عملیات الترمیم، استبدال الأبواب الخشبیة التی تآکلها النمل الأبیض تمامًا. وقد زُخرفت هذه الأبواب الجدیدة بنقوش خشبیة متداخلة بأسلوبالعقد المعقود(گره‌چینی).

التسجیل الوطنی لمدرسة الضیائیة

تمّ إدراج مدرسة الضیائیة، المعروفة أیضًا بـسجن الإسكندر، ضمن قائمة الآثار الوطنیة الإیرانیة عام 1968م (1347هـ ش).