طقوس طلب المطر في خراسان الجنوبية: تجلٍ لطلب رحمة الله

إيران: أرض جافة وذات موارد مائية محدودة

تجعل هذه الخاصية هطول المطر في إيران حدثًا مهمًا يُنظر إليه على أنه تجلٍ لرحمة الله، وخصوصًا في المجتمعات الريفية، حيث تظهر طقوس خاصة لطلب المطر. الطقوس المعروفة باسم «طلب المطر» في محافظة خراسان الجنوبية تشكّل مجموعة من العادات التي تنتشر أساسًا في المجتمعات الريفية الزراعية وتربية الماشية.

طقوس طلب المطر في خراسان الجنوبية: طريقة الأداء

تقع محافظة خراسان الجنوبية في شرق إيران، وتُعد من المحافظات الجافة وقليلة الأمطار من الناحية المناخية. تواجه هذه المحافظة موجات جفاف متكررة، وحسب التقويمات المحلية، تحدث كل سبع سنوات. خلال فترة الجفاف، لا تقل كمية الحبوب والبقول فحسب، بل يقل نمو العشب في الصحراء، مما يصعّب رعي الماشية. في هذه الظروف، يلجأ الناس إلى الصلاة والدعاء والتصدق لطلب المطر من الله تعالى. وقد نشأت في المحافظة طقوس تُعرف باسم «طلب المطر» لتحقيق هذا الهدف.

في إحدى هذه الطقوس، يُصنع دُمية تُسمّى «اتلّو» من قطعة خشبية ملفوفة ببعض القماش. أحيانًا تُصنع الدمية من ملابس بالية لتشبه «فزاعة» الحقل. بعد صنع الاتلّو، يجتمع عدد من الأطفال في القرية، ويختارون واحدًا منهم ليمسك بالاتلّو كقائد، بينما يسير البقية خلفه في الأزقة. أثناء المرور، يُردد الأطفال أشعارًا جماعية، ويتوجهون إلى بيوت الأهالي. غالبًا ما تكون هذه الأشعار عبارات طفولية لطلب المطر من الله. أثناء مرور المجموعة، يرش أصحاب البيوت الماء على الدمية والأطفال رمزًا لهطول المطر، كما يُعطونهم أطعمة مثل الدقيق أو القمح، وأحيانًا بعض النقود كإكراميات. ويعتقد سكان القرية أن تقديم الهدايا للأطفال يجلب رحمة الله ويساعد على نزول المطر.

بعد اجتياز الأزقة، يجتمع الأطفال في مكان واحد ويقسمون ما جمعوه بينهم، وفي النهاية يُطبخ الطعام باستخدام القمح أو الدقيق الذي جُمِع ويُوزع على الناس والمحتاجين. يُقام طقس الاتلّو في معظم مناطق محافظة خراسان الجنوبية (مدن بيرجند، نهبندان، قائن، سربیشه، فردوس ودرمیان) مع بعض الاختلافات المحلية. في قائن وفردوس، يُطلق على هذه المراسم اسم «تشولي قوزك»، وهي دُمية مشابهة للاتلّو تُصنع من قطعتين خشبيتين متقاطعتين تشبهان الصليب.

آیین‌های باران‌خواهی در خراسان جنوبی

طقوس أخرى لطلب المطر في خراسان الجنوبية: «صخرة درنگ‌درنگو»

طقس آخر لطلب المطر في محافظة خراسان الجنوبية يُعرف باسم «صخرة درنگ‌درنگو». يقيم هذا الطقس أهالي قرية «خور» في منطقة «خوسف». تتوافق البنية التاريخية والتقليدية للقرية جيدًا مع الظروف المناخية والجغرافية. من خصائص العمارة التقليدية للقرية استخدام الطين كمادة للبناء، وإنشاء أسقف على شكل قبب للمنازل، ووجود فناء مركزي محاط بالغرف، وبناء مروحات الهواء، والجدران السميكة، والممرات والمداخل، وإنشاء حديقة وبركة في الفناء.

في خندق القرية، حيث يُخزن الماء، توجد صخرة كبيرة تُسمّى «درنگ‌درنگو». في فترة الجفاف، يتوجه السكان إلى هذا الخندق، ويديرون هذه الصخرة ويقلبونها. ويعتقد أهل القرية أن هذا الإجراء يجلب المطر.

بعض الطقوس المنقرضة لطلب المطر في خراسان الجنوبية

بعض الطقوس القديمة لطلب المطر في المحافظة أصبحت اليوم منسية. من هذه الطقوس طقس يُسمّى «کله‌كو»، حيث كان مجموعة من الأطفال يضعون جمجمة حمار على عصا ويتجولون بها في القرية. وكان كل منزل يعطيهم كمية من الحطب. يجمع الأطفال الحطب وينقلونه خارج القرية لإشعال النار، ثم يلقون الجمجمة في النار معتقدين أن هذا يجلب المطر ويطرد البلايا.

الجوانب الثقافية لطقوس طلب المطر في خراسان الجنوبية

من حيث أسلوب الأداء، تتشابه معظم الطقوس في المحافظة. ويُعد إطعام الأطفال والمحتاجين جزءًا مهمًا من هذه المراسم. تحمل هذه الطقوس أبعادًا ثقافية ودينية قوية، وفي نهايتها يُقام غالبًا صلاة المطر. كما توجد بعض القرى التي تحتوي على مسجد أو مكان مخصص لطلب المطر تُقام فيه مراسم الدعاء والابتهال. ويكمن الدور المركزي للأطفال في هذه الطقوس في اعتقاد الناس بأن دعاءهم مقبول عند الله بسبب روحهم الطاهرة والبريئة.

تسجيل طقوس طلب المطر في خراسان الجنوبية ضمن التراث الوطني

استمرار هذه الطقوس، وتاريخها الطويل، وارتباطها بأعمال مثل إطعام المحتاجين والدعاء والابتهال، يزيد من قيمتها الثقافية والروحية. وقد أدى ذلك إلى إعداد ملف لتسجيل هذه الطقوس، وتم إدراجها في قائمة التراث الثقافي غير المادي الإيراني عام 2009 ميلادي (1388 هجري شمسي).