الحي ومسجد چهارمنار، الجزء المنعزل من المدينة القديمة في يزد

في يزد توجد أحياء قديمة تضم العديد من المعالم التاريخية. من بين هذه الأحياء القديمة يقع حي چهارمنار الذي أصبح اليوم في مركز مدينة يزد. يعد حي چهارمنار أكبر حي في نسيج المدينة التاريخي، ومن خلال تاريخه الطويل كان شاهداً على أهم الأحداث التي مرت بها المدينة. يوجد في هذا الحي أيضًا البستان التاريخي دولت آباد الذي يعد من المعالم المدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو.

أصل تسمية حي چهارمنار

كان الاسم القديم لهذا الحي "بهروك" أو "پهرک"، وهو الاسم الذي ورد في معاجم اللغة الفارسية بمعنى الأرض الواسعة. قد يكون سبب تسمية الحي بهذا الاسم هو وجوده في منطقة واسعة ومستوية. وهناك احتمال آخر بأن الاسم مشتق من كلمة "پهره" بسبب موقع الحي الذي كان يقع خارج أسوار المدينة القديمة، وفي حال كان هذا الاحتمال صحيحًا، فيمكن تفسير الاسم القديم للحي بمعنى "جانب البرج والسور".

اليوم، يسمى هذا الحي "چهارمنار" بسبب وجود أربعة منارات فوق مدرستين متقابلتين تعرفان بمدرسة چهارمنار أو شمسيه. تم بناء هذه المدارس بتوجيه من السيد شمس الدين محمد بن ركن الدين، واليوم يقع ضريح هذا الأخير في هذا المكان. لا توجد آثار لهذه المنارات حاليًا، لكن وفقًا للوثائق التاريخية، كانت هذه المنارات مزخرفة ببلاط خزفي أخضر جميل.

تاريخ حي چهارمنار

وفقًا لكبار السن في الحي، فقد قام السيد شمس الدين بتطوير هذا الحي من خلال تأسيس المدرسة والخانقاه والسوق. في ذلك الوقت، كان الحي يقع خارج أسوار المدينة، وكان يقام فيه صلاة الجمعة بشكل مستقل عن صلاة الجمعة في المدينة، في مسجد ميرخضرشاه. ورغم أن الحي كان خارج أسوار المدينة، إلا أنه كان يتمتع بأهمية كبيرة، وكان حكام يزد يسعون لتمديد الشوارع والحدائق الحكومية حتى حي چهارمنار.

انتهت عملية بناء بعض المنشآت الموجودة في هذا الحي اليوم في سنة 717 هـ (1317 م)، وتوفي السيد شمس الدين في سنة 733 هـ (1332 م) في تبريز، ونقل جثمانه إلى يزد حيث دفن في مدرسة شمسيه.

حاليًا، يتكون حي چهارمنار من منطقتين: زقاق چهارمنار وزقاق بندون (بندار). حسب رأي السكان المحليين، فإن تسمية هذا الزقاق بـ"بندار" يعود إلى وجود العديد من البساتين فيه التي كانت ملكًا لزرتشتي يدعى "گور نمير". نظرًا لأن حي چهارمنار كان آخر حي في المدينة في الماضي، كان يتم إشعال النيران على أسطح المباني المرتفعة فيه ليلاً حتى لا تضيع قوافل التجارة.

التركيب السكاني في حي چهارمنار

في الماضي، كان النظام الاجتماعي في إيران قائمًا على التقسيمات القبلية، وكان في بعض الأحيان رؤساء بعض القبائل يستطيعون السيطرة على قبائل أخرى وتولي الحكم، وهو ما حدث في فترة قاجار (القرن الثامن عشر) حيث تمكنت إحدى القبائل من السيطرة على الحكم في إيران. ومع ذلك، فإن مدينة يزد، بسبب ظروفها الجغرافية والمناخية غير الملائمة، كانت بعيدة عن دخول النظام القبلي وكانت تدار بشكل حضري ومدني. وقد أسهم هذا النظام في تقدم المدينة ثقافيًا، لكن وجود العديد من الأسوار كان يؤثر على العلاقات بين الأحياء داخلها وخارجها ويخلق فروقات ثقافية بينها.

وقد كان لهذه الفروقات أثر حتى على المهن التي كان يعمل بها سكان الأحياء المختلفة في يزد، بحيث كان أهل حي چهارمنار يعملون في صناعة الشعر والطرز والتجارة وصياغة الذهب، بينما كان أهل الأحياء المحيطة بالمدينة يعملون بالزراعة والفلاحة. وقد كان الفارق بين المناطق يظهر حتى في اللهجات المختلفة.

مسجد چهارمنار

يعد مسجد خضرشاه أو مسجد چهارمنار من المعالم التاريخية الواقعة في حي چهارمنار، ويعود تاريخه إلى فترة حكم التيموريين (1370 - 1194 م). يقال إن هذا المسجد بني على أنقاض معبد النار. يتكون المسجد من إيوان، صحن صيفي، وحمام ساخن. وصف الكاتب الإيراني إيرج أفشار المسجد في أحد كتبه على النحو التالي:

• يغطى المحراب بالكامل ببلاط خزفي ملون يعود إلى عصر التيموريين. • جدار المنبر الشرقي مزخرف بالبلاط الخزفي الملون. • في محراب الحمام الساخن، يوجد قطعة من حجر الرخام بقياس 55×60 سم، وعليها نقش يعود إلى عام 1294 هـ (على الأرجح السنة القمرية، وبالتالي توازي عام 1877 ميلادي). • يوجد سجاد بطول 7.40 متر وعرض 4.25 متر يعود إلى عام 1350 هـ (1931 م)، يتميز بتصميم سجادة وزخارف الأشجار والبته.

تسجيل المسجد في قائمة الآثار الوطنية

تم تسجيل مسجد چهارمنار في قائمة الآثار الوطنية الإيرانية في عام 1999 ميلادي (1378 هجري شمسي).