مسجد وکیل شیراز، عرضٌ من ذروة الجمال المسجد

لقد كان للمساجد في المدن التي انتشرت في إيران بعد الإسلام مكانة هامة. إذ كانت المساجد في هذه المدن لا تقتصر على كونها أماكن لإقامة الشعائر والطقوس الدينية، بل كانت أيضًا مركزًا للأنشطة الاجتماعية والثقافية. ولذلك، كان يتم بناء وتصميم المساجد بأقصى قدر من الدقة، بحيث تكون البنية قوية وجميلة، كما يتم اختيار المواقع التي تتيح لجميع المواطنين الوصول إليها. بالإضافة إلى ذلك، كانت المساجد الرئيسية في المدن كبيرة بما يكفي لاستيعاب أعداد كبيرة من المصلين. يعتبر مسجد وکیل في شيراز، الذي تم بناءه في عهد الزند (في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي)، مثالاً على هذه المزايا، وبالتالي يعد واحدًا من المساجد المميزة في إيران.

يعزز أهمية هذا المسجد وجوده بالقرب من أماكن مثل سوق وکیل، وحمام وکیل، وقلعة كريم خان، والتي كانت تمثل المراكز الرئيسية للخدمات الاجتماعية والحكومية. يرتبط المسجد بسوق وکیل عبر زقاق ضيق. علاوة على ذلك، تم إنشاء مداخل للمسجد من جهات مختلفة، مما يسمح للزوار بالوصول إليه من أي اتجاه. يعود تاريخ بناء المسجد إلى عام 1187 هجريًا (1773 ميلاديًا).

خصائص وعمارة مسجد وکیل

يبلغ المسطح الإجمالي لمسجد وکیل حوالي 11,000 متر مربع، منها 8660 متر مربع تمثل المساحة المبنية. الأبعاد الخارجية للمبنى تقارب 120 مترًا في 80 مترًا. جمال التصميم وزخارف المسجد في أوجها.

تم تصميم المدخل الرئيسي للمسجد بحيث يحتوي على بابين بارتفاع ثمانية أمتار. بعد المرور من بهو جميل مزين بالفسيفساء الزخرفية من الزهور والأغصان، يدخل الزائر إلى باحة المسجد.

يتميز المسجد بباحة واسعة بها حوض مستطيل الشكل يقع في وسطها. كما توجد في الجانبين الجنوبي والشمالي للباحة رواقين متماثلين. لا توجد أروقة في الجانبين الشرقي والغربي للباحة، ولذلك يمكن اعتبار هيكل المسجد معمارًا ذا رواقين.

تم تغطية أرضية الباحة بالحجارة، وهي مغطاة بحجر جديد تم وضعه أثناء الترميم في العصر الحديث. بخلاف المباني المشابهة، لا توجد حدائق أو أشجار في ساحة المسجد، مما يعزز من عظمة الباحة ويمكّن من إبراز جمال الفسيفساء الملونة في الواجهة الخارجية.

الفسيفساء الملونة السباعية في مدخل المسجد والأروقة متشابهة. التصميم الأساسي المستخدم في هذه الفسيفساء يعرف بـ "شجرة الحياة". هذا التصميم يضفي مظهرًا متناغمًا على البلاط المربع الذي يستخدم في الواجهة.

يرتبط الرواق الجنوبي بقاعة صلاة جميلة، وهي قاعة تتميز بـ 48 عمودًا متصلًا وأبعادها 75 × 26 مترًا، وتعتبر من الرموز المعمارية البارزة في مدينة شيراز. وقد تم وصل الأعمدة المجاورة باستخدام أقواس من الطوب. الأعمدة موحدة في اللون، مما يخلق تناغمًا رائعًا بين الأعمدة والسقف.

تعد الأعمال الزخرفية بالطوب أبرز فنون السقف المستخدم في المسجد، على الرغم من أن السقف الذي يمتد مباشرة من الرواق الجنوبي إلى محراب المسجد مزخرف بفسيفساء سباعية من شيراز. يشبه هذا الجزء دهليزًا، ويعد بمثابة توجيه للأشخاص الذين يدخلون المسجد ليصلوا إلى المحراب.

في الجزء الشمالي من المسجد، تم بناء قوس كبير يعتبر من المعالم المعمارية القيمة. يصل عرض فتحة القوس إلى 20 مترًا. يعرف هذا القوس الجميل بقوس اللؤلؤ، وفي محيطه، كتبت آيات من القرآن الكريم بخط الثلث بطريقة هلالية. ويظهر من فوق هذا القوس مئذنتان، يبلغ ارتفاع كل منهما 20 مترًا.

في الجانبين الشرقي والغربي للباحة، توجد أقواس مزخرفة بالفسيفساء، ويصل عدد هذه الأقواس في كل جانب إلى 11 قوسًا. في الجهة الشرقية من المسجد، توجد قاعة شتوية تمتد على مساحة 25 مترًا طولًا و20 مترًا عرضًا. يتم دعم سقف هذه القاعة بـ 12 عمودًا، ويبلغ ارتفاع السقف خمسة أمتار.

يوجد في مسجد وکیل منبر مصنوع من قطعة واحدة من الحجر المرمر. هذا المنبر الطويل يحتوي على 14 درجة، وعلى قمتها توجد مقعد. تم بناء العديد من هذه المنابر في عهد أسرة زند. وفقًا لبعض المصادر، تم نقل حجر ضخم من مراغه إلى شيراز من أجل بناء منبر مسجد وکیل.

تسجيل مسجد وکیل في قائمة التراث الوطني

في عام 1932 ميلادي تم إدراج هذا المعلم الجميل كأحد المواقع الوطنية في قائمة التراث الثقافي الإيراني.