فنّ الفخّار: ذكرى من تاريخ يمتد لمئات السنين.
يبدو أن أوائل المصنوعات البشرية قد صُنعت من الطين والماء، لأن هاتين المادتين كانتا أكثر المواد الطبيعية توافراً للإنسان. وبذلك يمكن اعتبار صناعة الفخار فناً يعود تاريخه إلى بدايات وجود الإنسان نفسه. وتشير الاكتشافات الأثرية إلى أن صنع الأواني من الطين يعود إلى نحو أربعة عشر ألف عام، أي قبل ظهور الزراعة. في البداية، كان الإنسان يصنع الأواني من كتلة من الطين بحفر ثقب في وسطها أو بتشكيلها على هيئة حلزون متصاعد باستخدام شريط من الطين، لكن مع مرور الوقت وتطور تقنيات الفخار وابتكار أدوات مثل عجلة الفخار، ازدادت المهارة في هذه الحرفة وتقدمت طرق صنع الأواني الفخارية.
في إيران، يمتد تاريخ صناعة الفخار إلى أكثر من عشرة آلاف سنة، وقد عُثر في التنقيبات الأثرية على أدوات مثل عجلة الفخار. وقد اكتسب هذا الفن مظاهر مميزة في مناطق مختلفة من إيران، تبعاً لذوق السكان المحليين والمواد المتاحة. فمدن مثل همدان، يزد، أصفهان وأذربيجان الشرقية أصبحت من المراكز الرئيسية لصناعة الفخار. ومن بين مدن أذربيجان الشرقية، تُعد كوزه كَنان (Kuzeh Kenan) واحدة من أهم المدن في هذا المجال، ولذلك سُجلت مهارات الفخار لدى حرفيي هذه المدينة عام 2011 (1390 هـ.ش) ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي لإيران.
موقع كوزه كَنان
تقع كوزه كَنان في قضاء شبستر غرب محافظة أذربيجان الشرقية. تبعد عن مدينة تبريز – مركز المحافظة – نحو 75 كيلومتراً، وعن مدينة شبستر 12 كيلومتراً فقط. يحد شبستر من الشمال جبال ميشوداغ، ومن الغرب ميناء شرفخانه. في السفوح الشمالية لكوزه كَنان توجد سهول مزهرة بنباتات مثل الزنبق والراوند البري، إضافة إلى مناجم ملح عالية النقاء. يبلغ متوسط ارتفاع المدينة عن سطح البحر حوالي 1421 متراً.
يبلغ عدد سكان المدينة نحو خمسة آلاف نسمة، ويعمل جزء كبير منهم في الزراعة، حيث يزرعون الحبوب والخضروات مثل القمح والشعير والكوسا والفاصولياء، وكذلك الأشجار المثمرة مثل الكرز والتفاح والمشمش والخوخ والتين والإجاص واللوز والجوز. ومع ذلك، تبقى صناعة الفخار من المهن الرئيسية في المدينة. وقد جاء اسمها «كوزه كَنان» بمعنى «صانعي الكوز أو الجرار» نسبة إلى هذا النشاط الحرفي.
الفخار في كوزه كَنان وأهميته
توارث أهل كوزه كَنان صناعة الفخار جيلاً بعد جيل، حتى أصبحت جزءاً من تراثهم الثقافي. وقد عُثر في المدينة على بقايا فخار قديم تدل على عمق تاريخ هذه الحرفة.
يُحافظ الحرفيون في كوزه كَنان على الأساليب التقليدية في صناعة الفخار، حيث تُستخدم الزخارف الهندسية البسيطة دون طلاء زجاجي في أغلب الأحيان. ومع ذلك، فقد كُشف في حفريات الجامع الكبير في كوزه كَنان عن أوانٍ مزججة يعتقد بعض الخبراء أن لها صلة بقطع الفسيفساء الفيروزية المستخدمة في مسجد كبود بتبريز الذي بُني قبل نحو 600 عام. كما تم العثور على جرار كبيرة في كوزه كَنان، كانت كل واحدة منها تستوعب قرابة 100 لتر من الماء، ويبلغ سمك جدارها أكثر من ستة سنتيمترات، مما يدل على تقنيات خاصة استخدمها سكان المنطقة قديماً في صنع الفخار.
اليوم، لا يزال فنانو كوزه كَنان يصنعون الأواني بأيديهم بعد عجن الطين وتجهيزه، مستخدمين عجلات فخار تعمل بالكهرباء أو بالقدم بشكل تقليدي، ثم تُحرق الأواني في الأفران لتقويتها. وبعد ذلك تُطلى بالطلاء الزجاجي بألوان مختلفة مثل الأزرق والأخضر والبني المحمر (الأُخْرِي) تبعاً لاستخدام كل وعاء.
تتمتع الأواني الفخارية التي يصنعها حرفيو كوزه كَنان بطابع عملي يجعلها موجودة في أغلب البيوت. ومع ذلك، فإن تراجع الإقبال على الأواني الفخارية في السنوات الأخيرة عرّض هذا الفن التقليدي، المعروف محلياً باسم «كوزه چيليق» (أي صناعة الكوز أو الجرار)، لصعوبات عديدة. ومن أبرز التهديدات التي تواجه هذه الحرفة فقدان الأصالة بسبب تقليد أساليب الإنتاج المنتشرة في مناطق أخرى لجذب الزبائن.
| الإسم | فنّ الفخّار: ذكرى من تاريخ يمتد لمئات السنين. |
| الدولة | إیران |
| المدن |








Choose blindless
العمى الأحمر العمی الأخضر العمی الأبیض اللون الأحمر من الصعب رؤیته اللون الأخضر من الصعب رؤیته اللون الأزرق من الصعب رؤیته أحادی اللون أحادی اللون خاصتغییر حجم الخط:
تغییر المسافة بین الکلمات:
تغییر ارتفاع الخط:
تغییر نوع الماوس: