كلاش كردستان، حذاء متين وطبيعي بالكامل

اللباس التقليدي للأكراد تَشكَّل بما يتناسب مع طبيعة المناطق الجبلية التي يسكنونها. وعلى مرّ القرون، تطوّرت لدى أهل كردستان مهارات دقيقة في صناعة أفضل الأحذية والملابس، نتج عنها استخدام أجود المواد المتاحة وأتقن أساليب الخياطة. ومن بين هذه الصناعات اليدوية، يُعَدّ حِرفَةُ صناعة الأحذية الكردية التقليدية من أبرز الفنون في هذه المنطقة.

الكلاش (الگيوَه)
الحذاء التقليدي الذي يُعرف محلياً باسم «كلاش»، يُعَدّ جزءاً أساسياً من الزيّ الكردي الرجالي. ورغم أنّ الأكراد غالباً ما ينتعلون الكلاش الأبيض، إلا أنّه يُصنع أيضاً بألوان أخرى كاللونين الأزرق والأحمر.

خصائص الكلاش
يُشترط في الكلاش أن يكون خفيف الوزن، متيناً ومتماسكاً في الوقت نفسه. فهو يُصمَّم لحماية أقدام الرجال الأكراد من الجروح أو الأذى الناتج عن السير بين الصخور الحادّة والطرق الوعرة. وقد أدّت هذه الحاجة إلى تطوير حِرفيّ دقيق أفرز حذاءً يجمع بين الخِفّة، والراحة، والمتانة، ما جعله رائجاً وعملياً عبر قرون طويلة.

يتميّز الكلاش عن الأحذية العادية بأنّه لا يُفرَّق فيه بين القدم اليمنى واليسرى، إذ يمكن ارتداء أي فردة في أيٍّ من القدمين. ويُوصى عادة بتبديل الفردتين من حينٍ إلى آخر لزيادة عمر الحذاء.

تُصنع مواد الكلاش من خاماتٍ طبيعية بالكامل، ولا تُستخدم في صناعته أي آلات صناعية، مما يجعله منتجاً صديقاً للبيئة لا يُسبّب تلوّثاً، بخلاف الأحذية الحديثة التي تحتوي على مواد بلاستيكية ملوِّثة. ولهذا السبب أيضاً يمكن غسل الكلاش بسهولة. غير أنّ طبيعية المواد المستخدمة تجعل الحذاء عرضةً لهجوم الحشرات أو الأرضة إذا تُرك لفترة طويلة دون استعمال، لذا يُنصح بوضع قطعة من النفتالين أو بعض أوراق التبغ داخله لحمايته.

تاريخ صناعة الكلاش
لا يُعرف تاريخ دقيق لنشأة الكلاش وتطوّره، لكن بعض الباحثين يعتقدون أنّه يعود إلى أكثر من ألف عام. ويُقال إنّه كان موجوداً في زمن الشاعر الفردوسي (القرن الحادي عشر الميلادي). وتُروى قصة البطل «گيو» الذي سافر إلى تُركستان ليُعيد «سياوَش» وأمّه، وأنّه كان بحاجة إلى حذاءٍ قويٍّ وخفيفٍ لتحمّل طول الرحلة، فاخترع ما يُعرف اليوم بالـ«كلاش».

ويُرجَّح أنّ منطقة أورامانات هي الموطن الأصلي لصناعة الكلاش في كردستان، حيث تُمارس هذه الحرفة على نطاقٍ عائلي، ولا تزال بعض الأسر، خصوصاً في مريوان، تمارسها حتى اليوم.

الكلاش الرجالي والنسائي
الكلاش الخاص بالرجال يُصمَّم بنعلٍ أكثر سُمكاً ورأسٍ مائلٍ إلى الأعلى ليكون أكثر تحمّلاً أثناء العمل الشاقّ أو المشي الطويل في الجبال، بينما تتميّز كلاشات النساء بنعالٍ أدقّ وألوانٍ أجمل وزخارف أكثر تنوّعاً.