سید محمد احصایی، رسّام ماهر و شاعر البَیان

سید محمد احصایی، رسّام ماهر و شاعر البَیان

سید محمد احصایی، رسّام ماهر و شاعر البَیان

سيد محمد إحسائي، فنان بارز و مشهور في مجال الرسم بالخط في إيران، وُلد في قزوين عام 1939 ميلادي (1318 شمسي). التحق بجامعة طهران عام 1966 لدراسة الفنون الجميلة والخط التقليدي، وتخرج من كلية الفنون الجميلة. بدأ مسيرته المهنية من خلال التعاون مع مجلة شبابية، ثم انضم إلى منظمة الكتب المدرسية، حيث عمل في تصميم الصفحات ورأس استوديو الغرافيك، ولاحقًا أصبح خبيرًا فنيًا للكتب الفنية في المدارس المتوسطة. هذه التجارب مكنته من الاقتراب أكثر من فنون الغرافيك، خاصة من خلال استكشاف الحروف واللعب الجمالي بها. وقد ساهم إحسائي بدور بارز في تأسيس قسم تصميم الغرافيك في كلية الفنون الجميلة بجامعة طهران.

إحسائي والخطوط التقليدية
بدأ إحسائي رحلته الفنية في الخط من خلال نسخ أعمال مير عماد وعمادالکتاب، ثم تلقى التدريب على يد الأستاذ حسن ميرخاني، واهتم بخطوط الثلث والريحان والمحقق. على الرغم من دراسته المحدودة لخط النسخ على يد سيد حسين ميرخاني، إلا أن مصادره الأساسية كانت مير عماد ومرزا غلامرضا الأصفهاني وخطاطي نهاية عصر القاجار. وقد تأثر إحسائي بخط عمادالکتاب في جانب الحجب والهدوء، وهو عنصر واضح في أعماله، ويبرز هذا التأثير في خطوطه المختلفة من محقق وريحان وثلث.

بدون عنوان، مجموعه «الفبای ازلی»، 1354

إحسائي برع في دمج تقنيات الخط التقليدي مع الحس الجمالي الحديث، حيث طوّر أسلوبه الخاص في رسم خطوط السياه‌مشق، القطع والخليط بين الخطوط المختلفة، مع الحفاظ على قواعد الخط التقليدي. ومن ابتكاراته الشهيرة في هذا المجال، استخدام الحروف كوسيلة للتعبير الشخصي منذ عام 1968، مثل عمله "عقد خیام"، مما وضع أساس فن الرسم بالخط في إيران.

 

كما أولى إحسائي اهتمامًا كاملًا بالجوهر المفهومي للخط وفقًا للقالب الذي يختاره. فهو يُعد فنانًا منبثقًا من التقليد، لكنه أيضًا قد تعلّم التصميم الجرافيكي الحديث، فدمج مهارات الخط التقليدي مع التطبيقات الحديثة للفن. وعلى الرغم من أن إحسائي لا يعتبر نفسه ضمن فناني حركة السقاخانه في إيران، إلا أن فنه ومنهجه يوضح انتماءه إلى خطاب هذه الحركة الفنية.

يُعد إحسائي من بين أوائل الفنانين الذين نقلوا فن الرسم بالخط من التقليد إلى العصر الحديث. فهو ينظم أعماله في الرسم بالخط وفق أسلوبه التقليدي، مع الالتزام الكامل بمبادئ وقواعد الخط الكلاسيكي. ومن أبرز سمات فن إحسائي ميوله إلى التحرر الفني، ففي تحليل شامل يمكن القول إن سيد محمد إحسائي حاول في الخط الكلاسيكي أن ينتقل من القالب إلى الشكل الفني. بعيدًا عن الأقلام الإيرانية التقليدية مثل النسخ والخط المشكّل، أولى إحسائي اهتمامًا خاصًا بأقلام الثلث، المحقق والريحان. وقد تلقّى التدريب في تاريخ الخط، ونجح في الوصول إلى أسلوب متكامل يجمع بين التقنيات التقليدية ونهجه الخاص.

 

«پژواک کلام»، رنگ روغن روی بوم، 1367، موزه هنرهای معاصر تهران

فيما يتعلق بخط الثلث، يمكن القول إن إحسائي لا يتقيّد بالأسلوبية التقليدية للثلث، ويمكن وصفه بلا شك بأنه مُحيي النهج العملي للأقلام الستة. فقد استثمر كل الإمكانيات الفنية للخط الإسلامي عبر استخدامه لمجموعة متنوعة من الأقلام والقوالب والمواد، ما أتاح له تقديم فن فريد من نوعه. إحسائي يمتلك أسلوبًا مميزًا في مختلف الأقلام، ويعكس فنه في الخط المعاصر تجربة التعلم الذاتي التي اعتمدها. كما خاض تجربة الابتكار في التركيبات غير التقليدية للقوالب التقليدية مثل القطع والخطوط الكلاسيكية، لكنه اكتسب شهرته الرئيسية من ابتكاره المميز في فن الرسم بالخط في إيران.

إحسائي هو أول من استخدم الكلمات كوسيلة للتعبير الشخصي للفنان من خلال عمله الشهير "عقد خیام" عام 1968، وقدّم بذلك منظورًا جديدًا في الخط المعاصر. على الرغم من مهارته العالية في الخط، كان إحسائي يعتبر نفسه أقرب إلى الخط التقليدي والخطاطين الكلاسيكيين مقارنة بفناني حركة السقاخانه، ويرجع ذلك إلى ولائه للتقاليد الأصيلة للخط وارتباطه الأصيل بأشكال الحروف. بناءً على ذلك، يمكن اعتبار مقاربة إحسائي انتقالًا من الخط التقليدي نحو الرسم، حيث وظف العناصر البصرية والمفاهيمية للفن التشكيلي داخل أعماله الخطية.

ما قام به إحسائي بعد فترة قصيرة من ظهور فناني السقاخانه واجه في البداية رفضًا، ثم تبعه تيار واسع من التقليد بين الخطاطين. لقد كان إحسائي في تقديم وتطوير فن الرسم بالخط أكثر صبرًا وإصرارًا من غيره، وما زال حتى اليوم يتألق بأعماله المتنوعة والمبتكرة على الصعيدين الوطني والدولي.

«سوره حمد»، نستعلیق، 1377

 

إحسائي كرسام وغرافيك
انضم إحسائي إلى مجموعة الفنانين في مؤسسة "بارس" في أوائل الستينيات، حيث تعرّف على الفن الحديث، لكن رؤيته الفنية بقيت متأثرة بالخط التقليدي، مع التركيز على المعنى الروحي والرمزي أكثر من التوجه التجريدي الغربي. يتميز عمله بالحضور القوي للهندسة، والتي تُظهر ديناميكية مستمرة، بحيث يظل الفنان خطاطًا أثناء الرسم. الحروف في أعماله ليست مجرد عناصر بصرية، بل جوهر العمل الفني، وتتكامل مع اللون والشكل لتعزيز المعنى.

«گل، سنبل، نوروز»، رنگ روغن روی بوم، 1394

لمحة عن أسلوب وفن سيد محمد إحسائي

يمكن تصنيف أعمال سيد محمد إحسائي استناداً إلى توجهه نحو الخط التقليدي والحديث. فهو فنان قضى سنوات طويلة في دراسة الخط ضمن النظام التعليمي التقليدي، لكنه شهد فترة نضوج وازدهار أعماله خلال مرحلة الفن الحديث.

في إبداعه للأعمال التقليدية، لا يقل إحسائي شأناً عن أساتذته السابقين، إذ يُبدع العديد من القوالب التقليدية بمهارة فائقة. ولم يتوقف فنه عند حدود التكرار، بل استخدمه كوسيلة لإنتاج أعمال تأخذ المشاهد إلى عالم مليء بجماليات وابتكارات فن النقاش بالخط.

على مدار مسيرته الفنية، كرّس إحسائي فترة من حياته للخط التقليدي، حيث أبدع أعمالاً ضمن القوالب الكلاسيكية. بعد ذلك، انتقل فنه إلى المرحلة الحديثة، حيث بدأ في ابتكار أعمال معقدة من العقد والحبال المتشابكة للخط. في هذه الأعمال، عرض إحسائي بنية مبتكرة للنقاش بالخط، مستخدماً العناصر البصرية لنقل المفاهيم والمعاني للكلمات، والحروف، والأحاديث، والآيات القرآنية، وما شابهها.

منذ عام 1354 هـ.ش، بدأ إحسائي برسم لوحات غالباً ما تكون مستوحاة من الكلمة الجليلة «الله» أو التركيبة المباركة «لا إله إلا الله»، ما يعكس اهتمامه العميق بالمعاني الروحية في عمله الفني.

«لا اله الا الله»، چاپ افست

لقد شارك سيد محمد إحسائي حتى اليوم في عشرات الفعاليات والمعارض الفردية والجماعية، التي أقيمت داخل البلاد وخارجها. ومن بين هذه المعارض، يمكن الإشارة إلى الدورة الستين للبينالي الفني في البندقية، والمعارض السنوية في بازل بسويسرا، ومعارض بولونيا، وهانغجو، ومؤسسة آسيا سوسايتي في نيويورك.

يتميّز عمل إحسائي في مجال تصميم الجرافيك بالطابع الخطّي، إذ تبدأ جميع أعماله، من الملصقات إلى الشعارات، بالحروف واللعب الهيكلي المدروس لتركيبها، ثم تتحول إلى عنصر بصري وجرافيكي متكامل. وبفضل المزج بين التقاليد والابتكار، يجد الجمهور تواصلاً عميقاً مع أعماله، وربما يعود السبب في ذلك إلى الاهتمام الدائم الذي حظيت به أعماله في المحافل الفنية.

إلى جانب الشهرة الرسمية، حقق إحسائي نجاحاً كبيراً في بيع أعماله الفنية داخل وخارج البلاد. ففي أبريل 2008، بيع أحد أعماله في مزاد كريستي الدولي للفن الحديث والمعاصر في دبي بمليون ومائة وثمانين ألف دولار. وفي الدورات التالية، بيعت أعماله في مزادات ساثبيز وكريستي في لندن ودبي والدوحة بمبلغ ستمائة وخمسين ألفاً وخمسمائة ألف دولار على التوالي. وفي عام 1399 هـ.ش، بيعت إحدى أعماله في مزاد الفن المعاصر في إيران بمبلغ ستة مليارات تومان.

كما أن سيد محمد إحسائي أنجز أعمالاً قيّمة على شكل نقش بارز، وفي هذا المجال أيضاً يظل العنصر الأساسي في أعماله هو الخط واللعب الإبداعي بالحروف. ومن أشهر وأبرز هذه الأعمال، النقش البارز في قاعة اجتماعات كلية اللاهوت بجامعة طهران، الذي نُفذ في عام 1356 هـ.ش. إنه عمل ضخم يجمع بين الحروف وحركة الكلمات، ليعكس شعورياً شعر عطار في "منطق الطير" وفصول الطيران والصعود والهبوط للسميرغ. ومن الأعمال الأخرى التي نفذها إحسائي على شكل نقش بارز، واجهة سفارة إيران في أبوظبي، عاصمة الإمارات العربية المتحدة، حيث يختلف الأسلوب الفني فيها تماماً عن نقوش قاعة كلية اللاهوت، إذ تبرز الحروف بلون واحد على خلفية هندسية وانتزاعية تبدو قديمة، ما يجمع بين جماليات الخطوط التقليدية مثل ثلث ومحقق ويثير إعجاب المشاهدين.

 

نشان‌نوشته فرهنگستان هنر، 1377

سيد محمد إحسائي شارك حتى اليوم في عشرات الفعاليات والمعارض الفردية والجماعية، التي أقيمت داخل إيران وخارجها. ومن أبرز هذه المشاركات: الدورة الستون للبينالي الفني في البندقية، والمعارض السنوية في بازل بسويسرا، ومعارض بولونيا، وهانغجو، ومؤسسة آسيا سوسايتي في نيويورك.

أعمال إحسائي في مجال تصميم الجرافيك تحمل طابعاً خطاطياً واضحاً؛ إذ تبدأ جميع أعماله من الملصقات إلى الشعارات بتركيب الحروف وألعابها الهيكلية المدروسة، لتؤدي في النهاية وظيفة جرافيكية متكاملة. وبفضل مزجه بين الأصالة والابتكار، يجد الجمهور صلة قوية بأعماله، وربما هذا أحد أسباب الاهتمام المستمر بمؤلفاته في الأوساط الفنية.

إلى جانب التقدير الرسمي، حقق إحسائي نجاحاً كبيراً في سوق الفن داخل إيران وخارجها. ففي أبريل 2008، بيع أحد أعماله في مزاد كريستي الدولي للفن الحديث والمعاصر في دبي بمبلغ مليون ومائة وثمانين ألف دولار. وفي مزادات لاحقة في صالات ساتبيز وكريستي في لندن ودبي والدوحة، بلغ سعر بيع أعماله ستمائة وخمسين ألفاً وخمسمائة ألف دولار. أما في عام 1399 هـ.ش، فقد بيع أحد أعماله في مزاد الفن المعاصر الإيراني بمبلغ ستة مليارات تومان.

إحسائي له أيضاً أعمال قيمة في مجال النحت البارز (Relief)، حيث يظل العنصر الرئيسي في هذه الأعمال هو الخط واللعب الإبداعي بالحروف. ومن أشهر هذه الأعمال وأبرزها: النحت البارز في قاعة اجتماعات كلية اللاهوت بجامعة طهران، الذي نُفذ في عام 1356 هـ.ش، ويعد عملاً ضخماً يستخدم فيه الحروف وحركتها وتركيب الكلمات لتجسيد شعوري لشعر عطار في «منطق الطير» وفصول صعود وهبوط الطائر سيمرغ.

ومن الأعمال الأخرى المميزة لإحسائي في مجال النحت البارز، واجهة سفارة إيران في أبوظبي، عاصمة الإمارات العربية المتحدة، حيث يختلف الأسلوب الفني كلياً عن قاعة كلية اللاهوت بجامعة طهران. إذ تم استخدام حروف أحادية اللون على خلفية تبدو قديمة، بتصميم هندسي وتجريدي، بطريقة تجعل الخط العربي، مثل ثلث ومحقق مع الإعراب، متوافقاً ومشتركاً، ويثير اهتمام المشاهدين.

 

نقش‌برجسته، نمای ساختمان سفارت ایران در ابوظبی، 1370

 

يمكن تصنيف فن إحسائي على أنه فن ديني، ذلك لأن هدفه إحداث تأثير في روح الإنسان في مسار الروحانية والسمو. ولتحديد طبيعة هذا الفن الديني وتطوره في أعمال إحسائي، يجب مراعاة أن الإيمان الديني كان دائمًا فرضية أساسية في جهوده الفنية. ومع السعي لرفعة الروح وطبيعتها، يوجد في خلق الفن الديني دائمًا عنصر غير شخصي. ومن سمات هذا الفن، إخضاع النفس لقوة الله تعالى. ففي أعمال إحسائي، تحدث عملية عميقة وخاصة في خلق الفن، من خلالها يقترب الإنسان إلى جوهر الكلمة القرآنية، وينقل الرسالة بحسب قدرة كل فرد.

مجموعات وأعمال بارزة
من أبرز أعماله:

  • سلسلة "الأبجدية الأزلية" (ابتداءً من منتصف السبعينيات الهجرية الشمسية)،

  • "سورة الحمد"، "سورة يس"، "هو الفتاح العليم"، "هو السميع العليم"،

  • أعمال فنية متعددة مستوحاة من التراث الصوفي والقرآني.

كما أن أعماله شملت تصميم شعارات ونصوص لمؤسسات ثقافية وفنية مثل: "مؤسسة نهج البلاغة"، "متحف الغرافيك الإيراني"، و"ثقافة نياوران". وقد عرضت أعماله في معارض فردية وجماعية داخل إيران وخارجها، منها بينالي البندقية، ومعارض سويسرا، بولونيا، هانغجو، وآسيا سوسايتي في نيويورك.

بدون عنوان،‌1397

في عام 1402 هـ.ش، تم تسجيل اسم سيد محمد إحسائي ضمن قائمة «الكنوز البشرية الحية» في السجل الوطني للفئة الخاصة بـ «النوادر في التراث الثقافي غير المادي».

 

 

 

الإسم سید محمد احصایی، رسّام ماهر و شاعر البَیان
الدولة إیران
جوائزدولی,وطنی
أدخل النص الخاص بک واضغط على Enter

تغییر حجم الخط:

تغییر المسافة بین الکلمات:

تغییر ارتفاع الخط:

تغییر نوع الماوس: