التصوير الفوتوغرافي؛ لقطات خالدة تروي تاريخ إيران والعالم

التصوير الفوتوغرافي؛ لقطات خالدة تروي تاريخ إيران والعالم

التصوير الفوتوغرافي؛ لقطات خالدة تروي تاريخ إيران والعالم

يُعَدّ التصوير الفوتوغرافي أحد الفنون التشكيلية المتنوّعة، وهو فنّ إبداع الصور الثابتة باستخدام الضوء أو غيره من الأشعة الكهرومغناطيسية على المواد الحسّاسة للضوء. تتمّ عملية تسجيل الصورة في التصوير إمّا كيميائيًا (على فيلم فوتوغرافي) أو إلكترونيًا (باستخدام مستشعر رقمي للصور).

في التصوير على الأفلام (النيغاتيف)، تتكوَّن صورة غير مرئية في البداية، تتحوّل بعد المعالجة الكيميائية إلى صورة يمكن رؤيتها وطباعتها على الورق. أمّا في التصوير الرقمي، فتنتج الشحنة الكهربائية في كل بكسل من المستشعر، ثم تُحوَّل إلكترونيًا وتُخزَّن في ملف رقمي جاهز للمعالجة اللاحقة.

يُمكن القول إن فن التصوير الفوتوغرافي يجمع بين العلم والصناعة والفنّ في آنٍ واحد. فقد وُلِد هذا الإنجاز العلمي في القرن التاسع عشر، ثم ازدهر كصناعة، قبل أن يترسّخ مكانه كأحد أهم أنواع الفنون التشكيلية.

تاريخ التصوير الفوتوغرافي

تعود بدايات التصوير إلى عام 1822م، حين اكتشف العالم الفرنسي جوزيف نيسيفور نييبس تأثير الضوء على المواد الحساسة في الغرفة المظلمة، مسجِّلًا أول صورة فوتوغرافية في التاريخ عام 1826م. ثم جاء العالم الإنجليزي ويليام هنري فوكس تالبوت ليؤسس لمرحلة جديدة من التصوير من خلال طريقته في إنتاج الصور السلبية والإيجابية (النيغاتيف والبوزيتيف)، وهو ما شكّل أساس التصوير الحديث.

 

 

نشأة التصوير الرقمي

بدأت مقدمات ظهور التصوير الرقمي من خلال بعض التجارب المتفرقة في النصف الثاني من القرن العشرين.
وفي عام 1975م قام أحد مهندسي شركة كوداك، ويدعى ستيفن ساسون، بابتكار كاميرا بلغ وزنها نحو 3.6 كيلوغرامًا، كانت قادرة على تسجيل الصور بالأبيض والأسود على شريط كاسيت رقمي. بلغت دقّتها آنذاك ميغابيكسل واحد فقط، وكانت تحتاج إلى نحو ثلاثٍ وعشرين ثانية لالتقاط كل صورة.

بعد هذا الإنجاز، تمّ إنتاج أول كاميرا رقمية حقيقية عام 1988م، ثم ظهرت النماذج التجارية الأولى في عام 1990م. امتازت هذه الكاميرات بوجود مستشعرات إلكترونية، وكانت تخزّن الصور بشكل رقمي وتُوصَل بالحواسيب لاستخراج النتائج ومعالجتها.

ومع مرور الوقت، احتدم التنافس بين الشركات العالمية الكبرى لإطلاق كاميرات ذات دقّة أعلى وجودة كافية للطباعة، حتى حلّت الكاميرات الرقمية تدريجيًا محلّ الكاميرات التناظرية (الأنالوغ).

ومن الجوانب المهمة في انتشار التصوير الرقمي، الدور البارز لشركات مثل "مايكروسوفت" و"كينكو" في التعاون مع شركة كوداك، حيث أسهمت هذه الشراكات في تطوير البرمجيات اللازمة لتحرير الصور، وإنتاج أقراص Photo CD، وحفظ الوثائق البصرية في صيَغ رقمية حديثة.

 

أنواع التصوير الفوتوغرافي

يمكن تصنيف التصوير الفوتوغرافي حسب الموضوع أو المحتوى أو الغرض الخاص إلى عدة أنواع، مثل تصوير البورتريه، الأخبار، الوثائقي، الوثائقي الاجتماعي، الطبيعة، السريالي، التجريدي، الأزياء، المعماري، الرياضي، الصناعي، الفلكي، الأشعة تحت الحمراء، التصوير المفهومي، فوتوسكوينس والإبداعي. إلى جانب هذا التصنيف الموضوعي، يتم تمييز بعض أنواع التصوير الفوتوغرافي وفقاً للتقنية الخاصة المستخدمة في تسجيل الصور.

فيما يلي نستعرض بعض أهم أنواع التصوير الفوتوغرافي:

أ) تصوير البورتريه

يُعد من أنواع التصوير الذي يبرز الخصائص الظاهرية والمشاعر والطبائع النفسية لشخص واحد أو عدة أشخاص. في هذا النوع من التصوير، قد يظهر الفرد كاملاً في خلفية معينة، إلا أن التركيز الأساسي يكون على الوجه والعينين. وفي تصوير البورتريه، تحظى إضاءة الاستوديو أو اختيار ظروف الإضاءة المناسبة بأهمية كبيرة.

 

صورة بورتريه لأحمد شاه مسعود، التُقطت بواسطة ألفريد يعقوب زاده

ب) التصوير الصحفي (الفوتوجورناليزم)

هو شكل خاص من التصوير يختص بنقل المعلومات حول الأشخاص والأحداث والحياة اليومية في المجتمع. هذا النوع من التصوير يمثل، في المقام الأول، التعبير البصري عن خبر أو تقرير، ومن هذه الزاوية يختلف عن باقي أنواع التصوير الفوتوغرافي. ومن أهم خصائص الصورة الصحفية كونها محدثة، موثقة، محايدة، وسردية.

 

إنقاذ حياة طفل أثناء الهجوم الإرهابي لداعش على مجلس الشورى الإسلامي، تصوير أوميد وَهَاب‌زاده

ج) التصوير الوثائقي الاجتماعي

يعدّ أحد أنواع التصوير الذي يصوّر الواقع الإنساني في ظروفه الطبيعية. هذا النوع من التصوير، الذي غالبًا ما يحمل طابعًا نقديًا، يركّز على الجوانب المشتركة لحياة المجموعات الاجتماعية. وتشمل الموضوعات التي تهتم بها التصوير الوثائقي الاجتماعي إظهار التمييز الاجتماعي، المشكلات الاقتصادية في الحياة اليومية، الأعمال الضارة، عمل الأطفال، وحياة كبار السن، بهدف تغيير المواقف السياسية والاجتماعية.

 

انتشار فيروس كورونا في إيران، تصوير علي حدادي‌أصل

 

د) تصوير الطبيعة

نوع آخر من التصوير المتنوع، يُبرز مظاهر الطبيعة الخلابة والبكر من النباتات والحيوانات والمعادن. الجبال الشاهقة، الغابات الكثيفة، الصحاري الواسعة، الوديان العميقة، البحيرات الهادئة وغيرها، كلها موضوعات رئيسية في تصوير الطبيعة. وفقًا للمعايير العالمية، لا يشمل هذا النوع المناظر التي صنعها الإنسان، النباتات المزروعة، أو الحيوانات الأليفة.

 

 

طبيعة إيران، تصوير بهرام بيات

هـ) تصوير العمارة

يختص هذا النوع بتصوير المباني والهياكل من الداخل أو الخارج. من المبادئ الأساسية فيه الانتباه إلى المنظور مع التركيز على الخطوط المتوازية للمبنى، بالإضافة إلى الدقة في عرض المبنى أو الهيكل ضمن محيطه. في التصوير الداخلي غالبًا ما يُستخدم الإضاءة الصناعية، أما في التصوير الخارجي فيُستعان بضوء النهار.

 

 

مسجد الإمام في أصفهان، تصوير فاطمة حسين‌آقایی

و) التصوير الصناعي

فرع تقني من التصوير يُعنى بتوثيق أنشطة الشركات والمصانع والمؤسسات الصناعية. في هذا النوع، يتم تصوير عمليات الإنتاج، المنتجات، نظام العمل، الموظفين، المعدات، والثقافة السائدة في الوحدة الصناعية. وتُستخدم الصور الصناعية داخليًا أو في الحملات الإعلانية الخارجية.

 

 

التصوير الصناعي، تصوير محمدرضا شاهرخي‌نژاد

ز) التصوير السردي (فتوسكوينس)

التصوير السردي أو فوتوسكوينس، المعروف أيضًا بمجموعة الصور، هو أسلوب يُظهر فكرة أو موضوعًا واحدًا عبر صورتين أو أكثر متتابعتين. يُستخدم هذا الأسلوب في التصوير الفني عادةً لإظهار مرور الوقت، تحوّل موضوع ما، تصوير موضوع ثابت على فترات زمنية أو مكانية مختلفة، جمع الصور المتشابهة، أو سرد الصور الذهنية لمفهوم معين. الأهم في هذا النوع هو خلق ترابط والحفاظ على التسلسل بين الصور ضمن إطار واحد أو عدة إطارات.

 

مجموعة صور الجبال الملونة، تصوير مهرداد فتحي

التصوير في إيران

وصل التصوير إلى إيران في عهد محمد شاه قاجار (1227-1213 هـ ش). وفقًا لبعض الوثائق، دخل جهاز الداغيروتيب إلى البلاط الإيراني بعد سنوات قليلة من اختراعه كهدية من روسيا وإنجلترا، وتم التقاط أول صورة في عام 1221 هـ ش. ويُعدّ ملك قاسم ميرزا، ابن فتح علي شاه قاجار، جول ريشار الفرنسي المعروف بموسيو ريشار، وعبد الله قاجار من الروّاد الأوائل للتصوير في إيران.

أما التصوير بمعناه الحديث، فقد تشكّل خلال عهد ناصر الدين شاه قاجار (1275-1228 هـ ش). وكانت الصور الوثائقية لهذه الفترة غالبًا من إعداد معلمين أجانب في مدرسة دارالفنون، حيث تناولت مواضيع مثل العمارة الإيرانية، العائلة الملكية، وبعض الطقوس البلاطية. وكان ناصر الدين شاه نفسه من أكثر المصورين نشاطًا، إذ ساهمت حبه الكبير للتصوير في نشره وتوسيع استخدامه في إيران. تُظهر المذكرات والوثائق في قصر جولستان خبراته في التصوير ومعرفته بعمليات التحميض والطباعة.

 

 

صورة ملتقطة من صف دراسي في مدرسة دارالفنون

مع بداية الحركة الدستورية في إيران، تجاوز التصوير حصره على وجوه البلاط وتصوير المعالم المعمارية الخاصة، وانتشر تدريجيًا بين الناس. حدث ذلك بعد نحو ثلاثة عقود من ظهور التصوير في إيران، نتيجة رغبة الناس في رؤية وجوه قادة الحركة التحررية وأنشطتهم. وهكذا دخل التصوير الفئات العادية، وانتشر التقاط الصور العائلية والبورتريهات الشخصية، وبدأت تظهر البنية التحتية للتصوير الصحفي.

 

الحركة الدستورية، تجمع الناس أمام السفارة البريطانية

مع بداية الحركة الدستورية في إيران، تجاوز التصوير حصره على وجوه البلاط وتصوير المعالم المعمارية الخاصة، وانتشر تدريجيًا بين الناس. حدث ذلك بعد نحو ثلاثة عقود من ظهور التصوير في إيران، نتيجة رغبة الناس في رؤية وجوه قادة الحركة التحررية وأنشطتهم. وهكذا دخل التصوير الفئات العادية، وانتشر التقاط الصور العائلية والبورتريهات الشخصية، وبدأت تظهر البنية التحتية للتصوير الصحفي.

 

تصوير الثورة الإسلامية والحرب الدفاعية المقدسة

أخذت الثورة الإسلامية في فبراير 1979، وما تلاها من الحرب المفروضة مع نظام صدام العراق لمدة ثماني سنوات، مكانة مهمة في تشكيل التصوير المعاصر الإيراني. ساهم عدد من المصورين الإيرانيين في توثيق هذه الفترات، ليصل التصوير إلى مرتبة مرموقة بين الفنون البصرية الأخرى. وتم تعزيز هذه المكانة بنشر الصور في الخارج، والظهور في المجلات ووسائل الإعلام الدولية، والحصول على جوائز هامة في التصوير.

 

لقاء الطيارين مع الإمام الخميني (رحمه الله) في مدرسة علوي، تصوير حسين بَرتوي

خلال أيام الثورة المباركة والثمان سنوات من الحرب الدفاعية، حمل بعض المصورين الإيرانيين كاميراتهم بشجاعة والتزام، ورافقوا الناس والمقاتلين في الخطوط الأمامية، ليكونوا شهودًا على تضحيات وشجاعة الرجال والنساء الإيرانيين، موثقين هذه اللحظات للأبد في تاريخ وذاكرة الأمة الإيرانية.

وداع الأم لابنها المقاتل قبل التوجه للجبهة، تصوير ساسان مويدي

مع تطور وسائل الإعلام الجماهيرية، وسفر المصورين الإيرانيين إلى الخارج، وحضورهم في الفعاليات والمسابقات الدولية، وانتشار أدوات التصوير والتحرير الرقمي، شهد التصوير في إيران مؤخرًا تنوعًا غير مسبوق. نتيجة لهذه التحولات، أصبح المصور الإيراني على دراية بالتيارات العالمية، وغالبًا ما يقدم محتوى ومعاني محلية بتأثر من هذه التيارات. وتشكل الصور التجريدية، الإبداعية والمفهومية اليوم الجزء الأكبر من التصوير المعاصر في إيران.

 
 

 

الإسم التصوير الفوتوغرافي؛ لقطات خالدة تروي تاريخ إيران والعالم
الدولة إیران
نوعالتصویر الفوتوغرافی
جوائزدولی
أدخل النص الخاص بک واضغط على Enter

تغییر حجم الخط:

تغییر المسافة بین الکلمات:

تغییر ارتفاع الخط:

تغییر نوع الماوس: