التصميم الإيراني: من الفخار القديم إلى الأشكال الإبداعية المبتكرة
التصميم الإيراني: من الفخار القديم إلى الأشكال الإبداعية المبتكرة
التصميم والرسم في الفن الإيراني
التصميم أو الرسم هو أحد فروع الفنون البصرية المتنوعة، ويُعدّ من أقدم وسائل التواصل بين البشر، حيث يُنفَّذ غالبًا باستخدام أدوات بسيطة وخطوط. كلمة "تصميم" في اللغة تعني وضع الخطة أو التخطيط، أما في المعنى الفني المتخصص، فهي تشير إلى إعادة خلق الصور الواقعية أو تجسيد الصور الذهنية. يُعتبر التصميم في أبسط تعريف له إنشاء صورة باستخدام مجموعة واسعة من الأدوات والتقنيات، ولذلك يُنظر إليه كأساس لجميع الفنون البصرية والتطبيقية.
في المصطلحات الفنية، يقابل التصميم كلمتين هما Drawing وDesign، وكل منهما يُستخدم بمعنى مشابه مع بعض الاختلافات. التصميم بمعنى Drawing يركز على الاستخدام المباشر للخط كعنصر ملموس في خلق الصورة، بينما التصميم بمعنى Design يركز على الإبداع الفكري، دراسة جوانب المشروع المختلفة، ووظائفه، كما يظهر في مجالات مثل تصميم الجرافيك، التصميم الصناعي، وتصميم الأزياء، حيث يكتسب كل مجال خصائصه الخاصة في التطبيق.
إحدى السمات المهمة لفن التصميم هي أنه قد يكون مقدمة لإبداعات في فنون أخرى مثل الرسم، العمارة، والنحت، وفي الوقت نفسه يمكن أن يكون عملًا مستقلًا مكتملًا بذاته.
تطور أسلوب التصميم مع مرور الزمن بالتوازي مع تغير رؤية الفنانين، ففي الشرق القديم لم يكن هناك فرق كبير بين الرسم والتصميم، حيث كان الفنانون يعتمدون على تفسيرهم الذهني للطبيعة أكثر من اعتمادهم على الملاحظة المباشرة، وكان الهدف خلق أعمال مستوحاة من الطبيعة تجمع بين الإبداع والابتكار أكثر من مهارة النسخ الدقيقة.
في إيران القديمة، لم يكن الفنانون يفصلون بين التصميم والزخرفة، حيث كانوا يرسمون المخططات بالقلم الرصاص ثم يضيفون الألوان. بدأ التصميم المستقل في إيران مع فنانين مثل محمدي وشيخ محمد، ووصل إلى ذروته في أعمال الفنان الكبير رضا عباسي.

شکارچی گرگ، اثر رضا عباسی
على الرغم من تغير مفهوم التصميم في العصر الحديث، إلا أن أهميته وضرورته لم تتراجع. يُعدّ فن التصميم أساس جميع فروع الفنون البصرية بفضل سهولته ووضوحه وقوة التعبير فيه، ومع ذلك، وكما ذُكر سابقًا، لا يعتمد بالضرورة على الأعمال الفنية الأخرى، بل يمكن أن يكون عملًا مستقلًا وكاملاً بذاته.
تاريخ التصميم
يعود التصميم إلى عصور بعيدة جدًا، حتى أن بعض مؤرخي الفن يعتبرون الرسومات الأولى للإنسان البدائي على جدران الكهوف من ضمن فن التصميم. ومن الأمثلة على هذه الرسومات ما يظهر في كهوف ألتاميرا في إسبانيا، لاسكو في فرنسا، پيشمرل ودوردوني في فرنسا، وأيضًا في دوشه وميرملاس في إيران. ومن أبرز السمات المشتركة لهذه الأعمال: التبسيط، تغيير نسب الأشكال، والمبالغة في الصفات الأساسية للأشكال الإنسانية والحيوانية واليومية.
في اليونان القديمة، كان التصميم يُعدّ مقدمة للرسم والنحت. أما في الشرق القديم، مثل الصين، فلم يكن هناك حدود واضحة بين التصميم، الرسم، والخط. وفي مصر القديمة، كما تشير بعض الجداريات، كان التصميم يُدرس كفن مستقل، ويُستخدم بشكل رمزي لتزيين المقابر، المعابد، والقصور. من هذا المنظور، يمكن القول إن العديد من الزخارف المبسطة على الحجر، الفخار، والمعادن التي صنعها الإنسان عبر التاريخ تدخل ضمن تعريف التصميم.
تقنيات وأدوات التصميم
يمكن تنفيذ التصميم باستخدام تقنيات وأدوات متعددة، من أبرزها: قلم الرصاص الجرافيتي، الفحم، القلم والحبر، فرشاة الرسم، قلم كونت، أقلام الألوان، الطباشير أو الباستيل، القلم المعدني، القلم الحبر، الأقلام السائلة، الماركر، والراپيدوغراف.
ويعد الورق أكثر الأسطح شيوعًا للتصميم، لكن يمكن أيضًا استخدام الخشب، الكرتون، القماش، الجلد، الفخار، والألواح الخشبية والمعدنية.
أ) القلم الرصاص
القلم الرصاص هو أكثر أدوات وتقنيات التصميم انتشارًا. النوع المصنوع من الكربون الخالص يُسمى جرافيت.
- 
يُستخدم القلم الرصاص الصلب لرسم خطوط دقيقة ورفيعة.
 - 
يُستخدم القلم الرصاص الناعم لرسم خطوط عريضة وغامقة.
 
أنواع أقلام الجرافيت اليوم:
- 
الأقلام الناعمة (B): مناسبة جدًا للتصميم، كلما ارتفع الرقم، كانت أكثر نعومة وأكثر قتامة.
 - 
الأقلام الصلبة (H): لرسم خطوط أفتح وأنحف، وتُستخدم غالبًا في التصميم الهندسي الدقيق.
 - 
الأقلام المتوسطة (HB): للكتابة والتصميم العام.
 
هذه الأدوات تمنح الفنان القدرة على التلاعب بالخطوط والظلال لتحقيق دقة وعمق في التصميم.

اثری طراحیشده با مداد
ب) الفحم الخشبي
الفحم الخشبي يُعتبر من أشهر وأقدم أدوات وتقنيات التصميم. عادةً ما يُصنع من فروع أشجار الصفصاف، العنب، أو شجيرات البقساط، وهو هش جدًا.
في الرسم بالفحم، تُرسم الخطوط على الورق بضغط خفيف جدًا، ويمكن الحصول على درجات مختلفة من الظلامية والحدة عن طريق زيادة أو تقليل ضغط اليد على الفحم. هذا الأسلوب يمنح الفنان القدرة على خلق ظلال ناعمة وتدرجات غنية تضيف عمقًا وحيوية للتصميم.

اثری طراحیشده با زغال چوب
ج) القلم والحبر
في التصميم بالقلم والحبر، يعتمد كل شيء على نوع القلم الذي يختاره المصمم. أي أداة يمكن بها سحب الحبر على الورق أو الأسطح الملساء الأخرى تدخل ضمن نطاق هذا الأسلوب.
اليوم، تتوفر أحبار متنوعة تتراوح بين الأسود والبني وحتى الأبيض، وتختلف في تركيباتها حسب الاستخدام. اعتمادًا على رأس القلم، يمكن رسم خطوط دقيقة أو سميكة، ناعمة أو صلبة، رفيعة أو غليظة، مما يمنح المصمم قدرة كبيرة على التعبير عن التفاصيل والملمس في التصميم.

نمونهای از طراحی با قلم و جوهر
د) قلم كونت
قلم كونت يشبه في مظهره أقلام الجرافيت، ويتوفر بنوعين: جاف وزيتّي.
- 
تأثير قلم كونت غير لامع، ويشبه في قتامة لونه الفحم الخشبي على الورق.
 - 
يمكن باستخدامه خلق درجات متنوعة من الظلال والسطوع في التصميم.
 - 
يُستخدم رأس القلم لرسم خطوط رفيعة وسميكة، بينما يمكن استخدام عرضه لملء المساحات الكبيرة كما في الرسم بالفحم.
 
هذا الأسلوب يمنح الفنان مرونة عالية في التعبير عن التفاصيل والظلال الواسعة في التصميم.

اثری طراحیشده با مداد کنته
هـ) فرشاة الرسم
الفرشاة تتكون من جزء صلب (المقبض) وجزء ناعم (الشعيرات).
يستخدم الفنانون أنواعًا مختلفة من الفرش لإنشاء تصاميم بالألوان ورسم خطوط ومساحات متنوعة.
تصنع الفرش بأشكال متعددة، منها:
- 
دائرية
 - 
مستطيلة
 - 
زاوية
 - 
مروحية
 - 
مجدافية
 - 
فرشاة نيشانية (مخروطية)
 - 
وغيرها
 
ورؤوس الفرش تكون مصنوعة من شعيرات طبيعية للحيوانات أو ألياف صناعية.
اعتمادًا على خشونة أو نعومة الفرشاة، تختلف استخداماتها وتتيح للفنان إمكانيات واسعة في التعبير عن التفاصيل والخامات المختلفة في التصميم.

و) الطباشير (الباستيل)
استخدام الطباشير أو الباستيل شائع في الرسم بقدر استخدام الفحم الخشبي.
- 
يشبه الطباشير في تصميمه الفحم، فهو أداة مناسبة لإنشاء رسومات سريعة وقابلة للتعديل.
 - 
كونه مادة طبيعية، يمتلك الطباشير درجات مختلفة من الصلابة والنعومة والكثافة.
 
في العصر الحديث، يتم إنتاج مادة الباستيل عن طريق دمج الطباشير الطبيعي مع أصباغ مستخرجة من قاع البحر وصمغ عربي، مما يمنحها:
- 
تنوعًا كبيرًا في الألوان
 - 
إمكانيات متعددة للاستخدام في التصميم والرسم الفني.
 
الباستيل يمنح الفنان القدرة على إضافة ألوان زاهية وتدرجات دقيقة بسهولة على سطح الرسم.

طراحی با پاستل
ز) الأقلام الماركر والراپيدوغراف
الرسم باستخدام الماركر، الراپيدوغراف، القلم الجاف، والقلم الحبر السائل يعتمد تقريبًا على نفس آلية الرسم بالقلم والحبر.
تشترك هذه الأدوات في نقطتين أساسيتين:
- 
خزان يحتوي على كمية محددة من الحبر.
 - 
الأثر الذي يتركه الحبر على سطح الرسم.
 
- 
سمك رأس الأداة يؤثر بشكل مباشر على نوعية الخطوط.
 - 
على سبيل المثال، باستخدام رأس راپيدوغراف الدائري والأسطواني، يمكن رسم خطوط دقيقة وموحدة ورفيعة جدًا.
 - 
بينما يتميز رأس الماركر بتنوع أكبر في السمك، مما يتيح رسم خطوط تتراوح من رفيعة جدًا إلى سميكة جدًا.
 
هذه الأدوات تمنح الفنان مرونة كبيرة في التحكم بسمك وتفاصيل الخطوط أثناء التصميم.

طراحی با راپیدوگراف
ح) الألوان المائية والغواش والحبر السائل
الألوان المائية، الغواش والحبر السائل هي مواد رطبة أو سائلة تُستخدم في الرسم، ولكل منها تنوع لوني واسع.
من الخصائص المشتركة لهذه المواد:
- 
يمكن استخدام أنواع مختلفة من الفرش أثناء الرسم.
 - 
تبدأ عملية الرسم عادةً بـ ألوان محدودة وطبقات رقيقة وشفافة.
 - 
بعد جفاف الطبقات الأولى، يتم إضافة الطبقات التالية تدريجيًا فوق الطبقات الجافة السابقة، ما يسمح ببناء الألوان والتدرجات اللونية بشكل متدرج ودقيق.
 
هذا الأسلوب يمنح الفنان مرونة كبيرة في المزج والتحكم بتدرجات اللون وشفافيته.

طراحی با گواش
ط) التصميم الرقمي
أصبح استخدام الأدوات والتقنيات الحديثة والرقمية (الحاسوبية) شائعًا جدًا إلى جانب أدوات التصميم التقليدية مثل القلم الرصاص، الطباشير والفحم.
يُستخدم التصميم الرقمي على نطاق واسع في العديد من الفنون التطبيقية مثل:
- 
التصميم الجرافيكي
 - 
التصميم الصناعي
 - 
التصميم المعماري
 
مثلما هو الحال في الرسم اليدوي، يتطلب التصميم الرقمي تفكير الفنان وتدخلَه المباشر في عمل الآلة، وأحيانًا حركة محسوبة لليد في الفضاء الرقمي لضمان دقة وتحكم أكبر في النتيجة النهائية.

طراحی دیجیتال
التصميم في إيران
تعود أصول التصميم في إيران إلى الرسوم الصخرية والكهوفية في لُرستان، مثل كهف دوشه وميرملاس ورسوم وادي هميان الصخرية. هذا النوع من التصميم كان يتبع تقاليد غير مكتوبة وغير معروفة في ذلك العصر. بعد هذه الفترة، يمكن العثور على أبرز الأعمال التصميمية الإيرانية على سطح الخزفيات القديمة المصقولة والمستوية؛ وهي تصاميم تجريدية أو تصويرية جسّدت الأشكال الطبيعية بأسلوب سلس في الخط وتغيير سمكه.
في العصور المختلفة، لم يظهر التصميم بمعناه الحديث الغربي في إيران، لكن هناك تقليد بصري وتجسيمي حافظ على انسجام نسبي رغم الانقطاعات التاريخية وتأثره بالتقاليد غير الإيرانية. من أهم سمات هذا التقليد، تجاهل التقليد الحرفي للطبيعة والتركيز على نقل المفاهيم الذهنية والرمزية؛ ويمكن ملاحظة ذروة هذا التوجه في التصوير المصور والمخطوطات الإيرانية (من القرن الثامن إلى الحادي عشر الهجري).
في هذه الأعمال، تظهر أيضاً أمثلة على التصميم الخطي الفردي الذي نشأ من اللعب الحر بالخط، وكان أسلوبه التصميمي مستقلاً عن فنون البلدان الأخرى. هذه الأعمال تُبرز الأشكال باستخدام خطوط مائلة ومنحنية وضربات فرشاة دقيقة، وعلى الرغم من استفادتها من التقاليد المشتركة مع الشرق، وخاصة الصينية، إلا أنها تجنبت تقليد الطبيعة.
من القرن الحادي عشر إلى الثالث عشر الهجري، شهد التصميم في إيران تأثرًا بالأساليب الأوروبية ووصل إلى أشكال جديدة وغير مسبوقة، وبلغ ذروته في أعمال فناني أواخر عهد القاجار. في أوائل القرن العشرين، بدأ المصممون الإيرانيون، بعد تلقيهم التعليم الأكاديمي، بممارسة التصميم الكلاسيكي، ومع الاعتراف بالفن الحديث في إيران، اكتسب التصميم طابعًا محليًا، وفتح المجال أمام التجربة والابتكار الشخصي للمصممين الإيرانيين.
اليوم، يُدرس التصميم، سواء بشكل مستقل أو مرتبط بالفنون الأخرى، في المعاهد والمدارس الفنية الإيرانية، ويُعتبر قاعدة وأداة أساسية للفنون البصرية.
| الإسم | التصميم الإيراني: من الفخار القديم إلى الأشكال الإبداعية المبتكرة | 
| الدولة | إیران | 
| نوع | تصمیم | 
Choose blindless
العمى الأحمر العمی الأخضر العمی الأبیض اللون الأحمر من الصعب رؤیته اللون الأخضر من الصعب رؤیته اللون الأزرق من الصعب رؤیته أحادی اللون أحادی اللون خاصتغییر حجم الخط:
تغییر المسافة بین الکلمات:
تغییر ارتفاع الخط:
تغییر نوع الماوس: