الخط: جوهرة فنون إيران الإسلامية

ظهرت الكتابة كوسيلة لنقل الرسائل والمفاهيم منذ بدايات التاريخ البشري تقريبًا، ومن قلب هذه الظاهرة النابعة من حياة الإنسان وابتكاراته، نشأ فن الخط، الذي يُعدّ تجسيدًا للخيال البشري في كتابة الحروف والكلمات. ويعرف الخط عمومًا بأنه تجميل الحروف والكلمات وفق قواعد ومبادئ محددة، ويقصد به الكتابة الأنيقة والاهتمام بالجانب البصري للحروف، مع مراعاة الجماليات عند كتابتها. يتطلب هذا الفن معرفة نوع الخط، الإلمام بشكل الحروف الصحيح، امتلاك بعض المهارات، والسيطرة على قواعد الكتابة.

 

خوشنویسی به خط نستعلیق، اثر غلامحسین امیرخانی

 

أهمية الخط في الثقافة الإسلامية الإيرانية

لقد ارتبط الاهتمام بالخط في الماضي بكتابة القرآن الكريم والأحاديث النبوية، حيث أكدت آيات القرآن على مكانة القلم وأهمية التعلم، مما جعل الخط يحظى بمكانة روحية واحترام خاص لدى المسلمين. كما أن للخطاط آدابًا معينة، مثل اجتناب المعاصي وتهذيب النفس، لتحقيق نقاء داخلي عند الكتابة.

 

تاريخ الخط الإسلامي-الإيراني

يمكن تقسيم تاريخ الخط الإسلامي الإيراني إلى ستة مراحل رئيسية:

أ) المرحلة الأولى:
بدأ الخط الإسلامي بالخط الكوفي وانتشاره في الأراضي الإسلامية. الخط الكوفي صعب القراءة بسبب عدم وجود الحركات، وأول من أضاف الحركات على شكل نقاط كان أبو الأسود الدؤلي، ثم أكمله خليل بن أحمد في نهاية عهد بني أمية.

 

یک نسخه خطی از قرآن کریم به خط کوفی که به امام حسن مجتبی (ع) منسوب است و در گنجینه آثار کتابخانه و موزه ملی ملک نگهداری می‌شود.

 

ب) المرحلة الثانية:
من منتصف القرن الأول الهجري إلى بداية القرن الثالث، تم ابتكار أقلام متنوعة وتصنيفها حسب سمكها واستخداماتها، مع وضع أساسيات تنظيم الخطوط.

ج) المرحلة الثالثة:
ابن مقلة البيضاوي وشقيقه أبوعبد الله حسن بن علي نظموا الخطوط ووفقوا أشكالها، وحددوا أربعة عشر نوعًا من الأقلام، ووضعوا قواعد هندسية للحروف وأتقنوا خط النسخ والتوقيع والرقاع، وتهذيب خط المحقق.

د) المرحلة الرابعة:
علي بن هلال (ابن بواب) أكمل عمل ابن مقلة وفق قواعده الاثني عشر مع إدخال تحسينات شخصية.

 

برگی از قرآن کریم به خط نسخ و قلم ابن بواب

 

هـ) المرحلة الخامسة:
ياقوت المستعصمي راجع وأكمل الخطوط، واختار ستة خطوط رئيسية: النسخ، الثلث، المحقق، الريحان، التوقيع، والرقاع، وأصبحت تعرف بخطوط "الأصول".

و) المرحلة السادسة:
من القرن السابع الهجري وحتى اليوم، بدأت انشقاقات الخط الإيراني عن الخط العربي الإسلامي، بظهور خط التعليق، ثم خط نستعليـق على يد مير علي تبريزي في القرن التاسع، ولاحقًا خط شکسته نستعليـق على يد مرتضى قلي خان شاملو أو محمد شفيع هروي.

 

أنواع الخطوط الإسلامية الإيرانية

1. الكوفي: أقدم الخطوط الإسلامية، حروفه مسطحة وزاويّة، وكان خاليًا من النقاط في البداية، ثم طُوّرت أشكاله لتشمل الكوفي البسيط، الكوفي الزخرفي، والكوفي البنائي.

2. النسخ: خط قديم يحافظ على النسبة بين الحروف، مستخدم في كتابة القرآن والمخطوطات منذ القرن الخامس الهجري.

 

خوشنویسی به خط نسخ اثر محمد شفیع تبریزی

 

• الثلث: خط منحني مع ألف طويلة ودوائر مفتوحة، يستخدم في النقوش والزخارف المعمارية.

•  

 

خوشنویسی به خط ثلث اثر احمد عبدالرضایی

 

المحقق: خط حروفه موحدة وكبيرة، قريب من الثلث، يستخدم بفواصل منتظمة.

 

خوشنویسی قرآن کریم به خط محقق اثر بایسنقرمیرزا

 

الريحان: مشتق من المحقق، حروفه دقيقة ورفيعة، يستخدم للتدوين المختصر.

 

خوشنویسی به خطّ ریحان، اثر مجدالدین نصیری امینی

 

التوقيع: مشتق من الثلث، يُستخدم في الوثائق الرسمية وختم الحكام.

 

خوشنویسی به خط توقیع، اثر عبدالله آماسی

 

الرقاع: خط نحيف ومنحني، يستخدم في الكتابة السريعة والتلخيص.

 

خوشنویسی به خط رقاع اثر ناصر طاووسی

 

التعليق: أول خط إيراني كامل، مستوحى من خطوط ما قبل الإسلام، متصل وتتوفر فيه التراكيب الدائرية، وقدمه للكتابة الرسمية والرسائل.

 

 

خوشنویسی به خط تعلیق، سطر اول به قلم هاشم محمد خطاط و سطر دوم به قلم سید ابراهیم

 

نستعليـق: مزيج من التعليق والنسخ، يُعرف بـ"عروس الخطوط"، متناسق ومنحني، مشهور بجماله ودقته.

 

خوشنویسی به خط نستعلیق اثر عباس اخوین

 

شکسته نستعليـق: تطوير للنستعليـق للتسهيل والسرعة، مع مزيد من الانحناءات والمرونة في التركيب.

 

خوشنویسی به خط شکسته‌نستعلیق، اثر یدالله کابلی

 

نقاشي الخط: استخدام الخط بشكل تجريدي لتشكيل أعمال فنية، مستوحى من حركة الفن الغربي الحديثة.

 

نقاشی‌خط اثر محمد احصایی

 

خط‌نقاشي: دمج الخط مع أشكال طبيعية وزخارف لتكوين رسومات متكاملة.

 

خط نقاشی مرغ بسم‌الله اثر رضا مافی

 

الخط المعاصر في إيران

تطورت خطوط نستعليـق وشکسته نستعليـق منذ القاجار، مستمرة على يد فنانين مثل ميرزا غلامرضا أصفهاني، محمدرضا كلهر، علي‌أكبر گلستانه، ومحمدحسين عمادالكتاب. كما شهدت الفترة المعاصرة تأسيس مدارس حرة للخط على يد مهدی بیانی وإخوة میرخانی، وإنشاء جمعية الخطاطين الإيرانية عام 1346 هـ ش، وظهور حركة نقاشي‌خط المستوحاة من فنون ساقدخانه.