
كمال الملك؛ المبدع الخالد الذي شق مسارًا جديدًا في تاريخ الرسم الإيراني
كمال الملك؛ المبدع الخالد الذي شق مسارًا جديدًا في تاريخ الرسم الإيراني
وُلد محمد غفاري الملقب بـ «كمال الملك» حوالي سنة 1226 هـ ش في كاشان. نشأ في عائلة تضم عددًا من الرسامين البارزين في عصر القاجار مثل أبو الحسن غفاري، صنيع الملك غفاري، أبو الحسن ثالث (يحيى خان غفاري)، علي رضا غفاري، مسعود غفاري، أبو تراب غفاري وغيرهم. أكمل محمد دراسته الابتدائية في كاشان، ثم انتقل في سن المراهقة إلى طهران والتحق بمدرسة دارالفنون لدراسة اللغات الفارسية والفرنسية ومواد مثل التاريخ والرسم. أثناء دراسته، تعلّم أساسيات الرسم على يد معلم الرسم في المدرسة. في نهاية السنة الثالثة، وقع نظر ناصر الدين شاه القاجار، الذي كان يزور مدرسة دارالفنون، على بورتريه رسمه هذا الرسام الشاب لمدير المدرسة، وقد جذب هذا العمل اهتمام شاه. بعد ذلك، شجع ناصر الدين شاه محمد غفاري ودعاه إلى البلاط الملكي، وقلّدَه لقب «نقاش باشي» ومنحه وظيفة خادم خاص. من هذه المرحلة وحتى نهاية حكم القاجار، عرف محمد غفاري كرسام البلاط الملكي. في سنة 1310 هـ ق، منح ناصر الدين شاه لقب «كمال الملك» لمحمد غفاري. وقد أبدع كمال الملك حوالي 170 عملًا موقعًا بتوقيع «نقاش باشي»، ولم يبقَ اليوم سوى عدد قليل منها.
خودنگارهای از کمالالملک با تکنیک آبرنگ، ۱۳۳۶ هجری شمسی
أول لوحة تحمل توقيع كمال الملك هي اللوحة الشهيرة «قاعة المرايا» التي تُظهر ناصر الدين شاه في وسط قاعة المرايا بقصر جولستان. بعد اغتيال ناصر الدين شاه، سافر كمال الملك في السنة الأولى من حكم مظفر الدين شاه (1314 هـ ق) إلى أوروبا، وأمضى حوالي ثلاث سنوات في مدن فلورنسا وروما وباريس. قضى معظم وقته في دراسة أعمال كبار فناني تلك الفترة، مثل ميكيل أنجلو، رافائيل، تيتيان، رامبراند وغيرهم، وسعى للاقتداء بأساليبهم.
كانت فترة إقامته في باريس (حوالي سنة 1900 م) مصادفة لنهاية حركة الانطباعية وظهور الحركات الفنية الحديثة في أوروبا، لكنه لم يهتم بهذه الحركات الجديدة، وركز على دراسة أعمال الأسلاف.
أثرت رحلة أوروبا تأثيرًا كبيرًا، خاصة من الناحية التقنية، على فن كمال الملك. بعد عودته إلى إيران حوالي سنة 1318 هـ ق، أبدع خلال ثلاث سنوات عدة أعمال بتكليف من مظفر الدين شاه، لكن معظم هذه الطلبات لم تكن تتماشى مع ذوقه الفني، مما سبب بعض الخلاف بينه وبين شاه.
في سنة 1321 هـ ق، سافر كمال الملك إلى العراق لزيارة المدن المقدسة، وخلال إقامته في كربلاء أبدع عدة لوحات من أفضل أعماله، منها: «ساحة كربلاء»، «اليهودي العراف البغدادي»، «الصائغ البغدادي وتلميذه»، و«العربي النائم». عاد كمال الملك إلى إيران في سنة 1323 هـ ق، واستقبله الملك بودّ واعتذر له، ومع ذلك، بدأ يتذرع برعشة يده لرفض تنفيذ الطلبات.
تزامن عودة كمال الملك مع حركة الدستور، ولأن هذا الرسام كان مدركًا لتأثير الدستور على تحسين وضع الناس، فقد دعم الحركة بشكل غير مباشر من خلال ترجمة أعمال مفكرين مثل جان جاك روسو وغيرهم من الكتاب الفرنسيين الداعمين للحرية.
مشهدیناصر، رنگروغن روی کرباس، ۱۳۰۳ هجری شمسی
في سنة 1329 هـ ق، وبتوصية كمال الملك وتحت إشرافه وإدارته، تأسست أول مدرسة فنية في إيران مستوحاة من المدارس الفنية الأوروبية في طهران. في هذه المدرسة، تم تدريب العديد من الرسامين والنحاتين الذين تابعوا نهج كمال الملك خلال نصف القرن الأخير.
قبل كمال الملك، وبالتزامن معه، كان يعيش فنانون مرموقون آخرون مثل صنيع الملك ومحمود خان (ملك الشعراء صبا) وآخرون، إلا أن مكانة وسمعة أي منهم اليوم لا يمكن مقارنتها بكمال الملك. ويجب البحث عن أسباب مكانة ونجاح هذا الرسام الشهير في عوامل ترتبط مباشرة بالظروف الاجتماعية والثقافية لعصره؛ فمن جهة، كانت المجتمع في ذلك الوقت بحاجة إلى تحول اجتماعي وثقافي بارز، وطبيعيًا لم يعد الرسم القاجاري، المستمد من تقاليد التصوير المصغر الإيراني، قادرًا على الاستمرار من حيث الشكل والمضمون. ومن جهة أخرى، وصل التأثير الثقافي الغربي في إيران، الذي بدأ منذ عصر الصفويين، إلى مستوى أتاح له التأثير على تفكير وذوق العديد من الفنانين في ذلك الوقت.
تمكن كمال الملك من خلال عمله، بما يتناسب مع ظروف عصره، من تقديم إجابة مناسبة للاحتياجات الفكرية والفنية للمجتمع، وهو ما أسس لنجاحه. كما ساعدت عوامل أخرى، مثل خصائصه الأخلاقية، أسلوب حياته، فقدانه البصر، ومهارته التقنية، على هذا النجاح، بل وجعلت منه رسامًا أسطوريًا.
بعبارة أخرى، يمثل كمال الملك نهاية تيار الفن التقليدي وبداية تيار جديد استمد كثيرًا من فنون الغرب. وعلى الرغم من أن التأثر بالفن الغربي كان موجودًا منذ زمن بعيد، فإن تأثيره في أعمال الفنانين قبل كمال الملك كان يذوب في تقاليد الرسم الإيراني، بينما في أعمال كمال الملك تم تدريجيًا تجاوز معايير الرسم التقليدي الإيراني واستبدلت بمعايير الفن الكلاسيكي الأوروبي.
أهم دور فني لكمال الملك، كنقطة محورية في تاريخ الرسم الإيراني، كان في مواجهته الدقيقة والمتأنية لمظاهر الطبيعة. فالرسم التقليدي في إيران كان دائمًا يسير في فضاء مضاد للطبيعة، وهذا كان متوافقًا مع الطابع الصوفي لهذا الفن. لكن كمال الملك، بعد محاولات الرسامين السابقين في مجال الطبيعة، قرر التخلي تمامًا عن النظرة الرمزية للطبيعة، ومع تطور أعماله، انتقل من نوع من الواقعية الخام إلى واقع أكثر نضجًا، وأحيانًا انحاز أيضًا إلى الواقعية الموجهة (رسم واقعي).
فالگیر بغدادی، رنگروغن روی کرباس، ۱۲۷۷ هجری شمسی
ChatGPT said:
تالار آینه، رنگ روغن روی کرباس، ۱۲۷۴ هجری شمسی
تقسیمبندی آثار کمالالملک (ادامه)
أ) الأعمال قبل السفر إلى أوروبا (تابلو «تالار آیینه» وأعمال لاحقة)
لوحة «تالار آیینه» (قاعة المرآة) تعد من أشهر أعمال كمال الملك، رغم أنها ليست أفضلها. في هذه اللوحة، رغم كل العناية التي أوليها الفنان لتصوير انعكاسات الأشياء في المرايا على السقف والجدران بدقة بالغة، إلا أن التصميم يعاني من ضعف في المنظور (Perspective). ومع ذلك، تحتوي اللوحة على جماليات بارزة تعتمد أكثر على البراعة الحرفية، مما يثير إعجاب الجمهور. بعد «تالار آیینه» وقبل السفر إلى أوروبا، من المحتمل أن كمال الملك أنجز أعمالًا أخرى، مثل لوحة «مصري واحد».
ب) الأعمال التي أنجزها أثناء السفر إلى أوروبا
خلال هذه الفترة، كان كمال الملك ينقل أعمال كبار رسامي أوروبا بدقة وأمانة فائقة. يعتقد بعض الخبراء أن اللوحات التي أنجزها كمال الملك مستنسخة من أعمال فنانين كبار مثل رامبراند وغيره لا تختلف كثيرًا عن النسخ الأصلية، باستثناء أن الألوان في أعماله أنقى وأكثر نضجًا. يبدو أن كمال الملك في هذه المرحلة لم يخلق أي عمل جديد إلا من خلال تقليد أعمال هؤلاء الفنانين الكبار.
ج) الأعمال بعد العودة من أوروبا
أهم عمل أنجزه كمال الملك مباشرة بعد عودته من أوروبا هو لوحة «الصائغ وتلميذه». هذه اللوحة تعكس التماسك والقوة والبراعة التي اكتسبها كمال الملك خلال رحلته الأوروبية. يمكن ملاحظة تأثيرات الإضاءة بأسلوب رامبراند، لكن الجدير بالملاحظة أن محل الصائغ المتواضع قد تحول إلى بيئة نظيفة وفاخرة.
بعد ذلك، سافر كمال الملك إلى كربلاء، حيث أنجز عملين قويين يُعتبران ذروة إبداعه ويقربانه من الواقعية (Realism). من بين هذين العملين، لوحة «العراف اليهودي» تبرز بشكل خاص، فهي خالية من نقاط الضعف التي كانت موجودة في أعماله السابقة، وتحتوي على مميزات لا تتكرر في لوحاته الأخرى. الإضاءة الواقعية في هذه اللوحة تجعل المشهد متسقًا مع الشخصيات، وتبرز خصائص الحياة المترفة للأم وابنتها، كما تعكس روح الدعابة والحيوية للعراف وزميله.
میدان کربلا، رنگ روغن روی بوم، 1281 هجری شمسی
أهم أعمال كمالالملک بعد زيارة كربلاء و وفاته
أحد الأعمال المهمة التي أنجزها كمال الملك أثناء سفره إلى كربلاء هو لوحة «منظر ميدان كربلاء المعلى». تُعد هذه اللوحة استثناءً بين مناظر كمال الملك، إذ تُركز على منظر المدينة نفسها، كما أن الأشخاص الموجودين فيها هم الأكثر نشاطًا مقارنة بمناظره الأخرى. على الرغم من أن الشخصيات تبدو وكأنها متوقفة للحظة في الزمن، إلا أن موضوع اللوحة مختلف عن أعماله السابقة، فهو يعرض مبنى عاديًا في المدينة وأشخاصًا من الحياة اليومية.
في هذه اللوحة، يحافظ الفنان على مسافة بينه وبين الناس، ويراقبهم من أعلى شرفة مبنى، ولا يندمج تمامًا في جو الحياة اليومية الصاخبة، كما كان الحال في أعماله السابقة.
بعد عودته من كربلاء وحتى نهاية رئاسته لمدرسة الصناعات المستظرفه، أنتج كمال الملك أعمالًا أخرى، منها:
-
صورتان شخصيتان له (Self-Portraits)
-
صورة سردار أسعد
-
صورة صنيع الدوله
-
صورة محمد حسن فروغي
-
أربع لوحات طبيعية ومنظر واحد
-
لوحة طبيعة صامتة (Still Life)
من بين هذه الأعمال، لوحة الكوخ الريفي (کلبه روستایی) تحظى بأهمية خاصة، حيث تظهر جمال الطبيعة بطريقة حية وواقعية، كأن الفنان موجود داخل الطبيعة نفسها، مع نقل صوت الجدول الهادئ وهدوء الظل المتدلي من الأشجار إلى المشاهد.
وفاة كمال الملك ودفنه
خلال حياته، أوصى كمال الملك بأن يُدفن بعد وفاته في باغ حسينآباد، ملكه الخاص. ومع ذلك، بعد وفاته عام 1319 هـ.ش، دُفن في نيشابور، بجانب الشاعر والمتصوف الإيراني شيخ فريد الدين عطار النيسابوري. هذا الموقع منح الفنان مكانة لائقة وشأنًا كبيرًا، وكتب على شاهد قبره العبارة الخالدة: "الذي سيبقى ويبقى خالدًا هو الله".
زرگر بغدادی، رنگ روغن روی کرباس، 1280 هجری شمسی
لوحات كمالالملک الشهيرة
من بين أهم لوحات كمال الملك يمكن ذكر ما يلي:
-
ميدان كربلاء
-
قصر المرآة (تالار آیینه)
-
الذهبجي البغدادي (زرگر بغدادی)
-
العراف البغدادي (فالگیر بغدادی)
-
المنظر العام لقصر شهرستانك
-
المنظر العام لنبع شهرستانك
-
المنظر العام لكلاردشت
-
حوضخانه صاحبقرانيه
-
حوضخانه قصر سلطنتآباد
-
صورة شخصية لسيد نصرالله تقوي
-
صورة وثوقالدوله
-
باغ شاه طهران
-
مشهدیناصر
-
رمال
-
صورة ذاتية (چهره نقاش)
-
معسكر مبارك في بلدة نور (اردوی مبارک در بلده نور)
-
الطير المصطاد (پرنده شکار شده)
-
المنظر العام لمدينة لار
-
منظر طبيعي (منظره)
-
معسكر همایونی (اردوگاه همایونی)
من أبرز هذه الأعمال:
«الذهبجي البغدادي (زرگر بغدادی)»، وهي لوحة زيتية على قماش، تعود إلى عام 1280 هجري شمسي.
الإسم | كمال الملك؛ المبدع الخالد الذي شق مسارًا جديدًا في تاريخ الرسم الإيراني |
الدولة | إیران |
نوع | تلوین,تلوین |












Choose blindless
العمى الأحمر العمی الأخضر العمی الأبیض اللون الأحمر من الصعب رؤیته اللون الأخضر من الصعب رؤیته اللون الأزرق من الصعب رؤیته أحادی اللون أحادی اللون خاصتغییر حجم الخط:
تغییر المسافة بین الکلمات:
تغییر ارتفاع الخط:
تغییر نوع الماوس: